تقرير رسمي صدر عن لجنة الصحة والسكان بمجلس الشورى

في - الأثنين 27 أغسطس 2007

استعرض أداء العمل السكاني خلال الفترة الماضية وجوانب النجاح والقصور وأهم الصعوبات لبرامج التوعية السكانية والتي ما زالت تتركز في المدن وتعتمد رسائل تقليدية في إيصال الرسائل السكانية.

أصدرت لجنة الصحة والسكان بمجلس الشورى قبل أيام تقريراً رسمياً حول السياسات السكانية والصحة الإنجابية وذلك بالتنسيق والتشاور مع عدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة بالعمل السكاني في بلادنا، وقد تناول التقرير ثلاثة جوانب رئيسية في المجال السكاني هي (تطور أهم مؤشرات الأوضاع السكانية 1996-2006م الجهود المبذولة في معالجة قضايا السكان حتى صدور التقرير، تقييم لأهم ما تم تحقيقه والصعوبات التي تواجه العمل)..

صحيفة 14أكتوبر من خلال صفحة السكان والتنمية تسلط الضوء على أحد الجوانب الهامة التي تناولها التقرير وهي ملامح أداء العمل السكاني خلال الفترة الماضية وأهم جوانب النجاح وجوانب القصور والإخفاق وأهم الصعوبات التي تواجه هذا العمل.. وفيما يلي نستعرض أهم ما تناوله التقرير حول هذا الجانب..

لقد أشار التقرير إلى أن الإلمام بكل جوانب العمل السكاني التنفيذي وأهدافه وأنشطته وما تم تحقيقه خلال الفترة الماضية كان يعتبر أمراً صعباً غير أنه ومن خلال الدراسات والبيانات والتقارير المتوفرة تم تحديد ملامح أداء العمل السكاني وتقييم الوضع بشكل عام وتلمس أهم جوانب النجاح والتقدم وجوانب القصور والإخفاق وأهم الصعوبات التي تواجه هذا العمل، وأوضح بأنه قد تم التركيز فيه على فحص أهم مؤشرات أداء العمل السكاني خلال الفترة الماضية والتي تتمثل في مجال الصحة العامة والصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة، مجال التعليم والنوع الاجتماعي، ومجال الإعلام والتثقيف والاتصال السكاني، ومجال البيانات والمعلومات، وجوانب الترتيبات المؤسسية والتشريعية، وتوسيع الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني.

الصحة العامة والصحة الإنجابية

ففي مجال الصحة العامة والصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة، أشار التقرير إلى أن الخطتين الخمسيتين الأولى والثانية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية 1996-2000م تحسين الوضع الصحي وزيادة التغطية بالخدمات الصحية بالتركيز على المناطق المحرومة، وتضمنت هذه الخطط أيضا برنامج رعاية الأم والطفل التي من بين مكوناته تعزيز خدمات تنظيم الأسرة، برنامج الوقاية من ومكافحة الإيدز، وتعزيز الحقوق الإنجابية، وفي مجال التوعية والتشريع كانت هناك برامج تتعلق بتوعية الأزواج بحقوقهم الإنجابية وممارستها وذلك من خلال البرامج والمشروعات مثل مشروع الترويج للصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة، مشروع دعم الصحة الإنجابية، حماية ودعم صحة الطفل، مشروع إدماج الشباب في التنمية، ومن المؤشرات التي أوردها التقرير في هذا المجال أن المواقع التي تقدم خدمات الصحة الإنجابية كانت قد زادت من أقل من 150 موقعاً في عام 1990م إلى ما يفوق 650 موقعاً في عام 2000م، كما تبين البيانات المتوفرة أن نسبة التغطية بالخدمات الصحية في اليمن حالياً تقدر بـ(56بالمائة) مقابل الوصول إلى (70بالمائة) كهدف للسياسة الوطنية عام 2005م وأن معدل وفيات الأطفال الرضع بلغ بحسب نتائج أخر مسح عام 2003م 74 حالة وفاة لكل ألف مولود حي، مقابل الوصول إلى معدل 55 حالة وفاة لكل ألف مولود حي كهدف للسياسة الوطنية، وأن معدل الاستخدام لوسائل تنظيم الأسرة يبلغ (23بالمائة) من إجمالي النساء المتزوجات عام 2003م مقابل هدف وطني للسياسة يسعى للوصول إلى (36بالمائة) عام 2005م، فيما يتعلق بجانب الولادة بإشراف لجنة طبية تبين مؤشرات مسح عام 2003م أن نسبة من يجهلن على هذه الخدمة فقط (22بالمائة) مقابل الوصول إلى (40بالمائة) كهدف للسياسة الوطنية، ويذكر التقرير بأنه قد تم اتخاذ العديد من الإجراءات لتحسين تقديم هذه الخدمات من خلال برنامج تدريب القابلات وإعداد أدلة عمل ومعايير تقديم الخدمة.

التعليم والنوع الاجتماعي

وفي مجال التعليم والنوع الاجتماعي، يشير التقرير إلى أن الخطط التنموية قد تضمنت برامج تنفيذية تتعلق بتوسيع التعليم الأساسي وإعطاء أولوية لتعليم البنات وبالذات في المناطق الريفية، ونوه التقرير إلى أن المؤشرات تبين أن شمول معدل الالتحاق في التعليم الأساسي حسب نتائج مسح 2003م تبلغ في أوساط الذكور (77بالمائة) من إجمالي سكان الفئة العمرية 6-14 سنة مقابل (55بالمائة) للإناث في نفس العمر، وقد حقق هذا المعدل ارتفاعا خاصة للإناث بشكل أسرع من الذكور، وهدف السياسة الوطنية للسكان هو الوصول إلى (92بالمائة) بالنسبة للذكور و(59بالمائة) بالنسبة للإناث، وشمول التعليم الأساسي عام 2025م، والهدف الدولي يقضي بتحقيق (90بالمائة) عام 2005م لكلا الجنسين، وأوضح التقرير أن الأمية لا زالت تنتشر بين حوالي (47بالمائة) من إجمالي السكان ويصل هذا المعدل بين النساء إلى (67بالمائة) مقابل الهدف التي تسعى إلى تحقيقه السياسة الوطنية وهو أقل من (40بالمائة) عام 2005م.

الإعلام والتثقيف والاتصال السكاني

وفي مجال الإعلام والتثقيف والاتصال السكاني، يذكر التقرير أن هناك العديد من المشروعات الهادفة إلى نشر الوعي السكاني والصحي قد نفذت وتنفذ تحت المسئولية المباشرة لعدد من الوزارات والجمعيات غير الحكومية، وأن هذه المشروعات تغطي أنشطة ومجالات رئيسية في الإعلام والتثقيف والاتصال السكاني وقد حققت في الفترة الماضية نجاحات في إدماج بعض المفاهيم السكانية في المناهج التعليمية في التعليم العام ومحو الأمية والإرشاد الزراعي والتوجيه والإرشاد والعلوم الصحية، كما تم دعم قدرات العاملين في الأجهزة الإعلامية وموصلي الرسائل السكانية والصحية من خلال برامج تدريبية مكثفة، كما تم إنتاج العديد من المواد والرسائل الإعلامية المرئية والمسموعة ومطبوعات في هذا الجانب.

ويشير التقرير إلى أن ما يبنيه واقع برامج وأنشطة التوعية السكانية أنه رغم تعدد الجهات التنفيذية وما حققته من إنجازات ونجاحات خلال السنوات الماضية في رفع الوعي السكاني، إلا أن معظم أعمال هذه البرامج لا زالت تتركز في المدن وتعتمد وسائل تقليدية في إيصال الرسائل السكانية، وأن ما تقوم به أجهزة الإعلام لا يرتقي إلى المستوى المطلوب من حيث الكم والنوع رغم أنه شهد خلال الفترة الأخيرة نشاطاً ملموساً تنفيذاً لتأكيدات فخامة الأخ رئيس الجمهورية حفظه الله.. أكثر من مرة حول أهمية التوعية بتنظيم الأسرة فلا تزال البرامج غير منتظمة، والرسائل الإعلامية التوعية محدودة، وتعاني أجهزة الإعلام من ضعف الكوادر الفنية المتخصصة في هذا المجال.

البيانات والمعلومات السكانية

وفي مجال الترتيبات والمعلومات، يشير التقرير إلى حصول تطورات ملموسة في جوانب بيئة البيانات والمعلومات السكانية خلال السنوات العشر الماضية بما ينسجم مع أهداف السياسة الوطنية للسكان، ويذكر التقرير العديد من الجوانب الإيجابية في تطوير بيئة المعلومات السكانية، ونوه التقرير إلى أنه لا يزال هناك تضارب في بعض الأرقام والبيانات المنشورة وتأخير خروج البيانات عن موعدها المفترض للاستفادة منها، كما هو الحال في البيانات التفصيلية والخصائص السكانية لتعداد عام 2004م، كما لا يوجد حتى الآن قاعدة بيانات سكانية متكاملة.

الترتيبات المؤسسية والتشريعية للعمل السكاني

وفي جوانب الترتيبات المؤسسية والتشريعية، يشير التقرير إلى أنه وبعد تشكيل المجلس الوطني للسكان عام 1992م وإنشاء أمانته العامة عام 1993م بداء التفكير في تطوير وتوسيع هذا البناء المؤسسي من خلال تشكيل لجان تنسيق للأنشطة السكانية في عدد من محافظات الجمهورية والتي بلغت حتى الآن 14 لجنة تنسيق في 14 محافظة، كما تم خلال هذه المرحلة تطوير البناء المؤسسي لبعض الجهات لتستوعب العمل السكاني بإنشاء نقاط ارتكاز (وحدات إدارية) وأنشأت جهات لها علاقة بتطوير العمل السكاني وتوسيعه فيما يتعلق بجوانب الصحة، والإعلام، والمرأة، والدراسات والبحوث، وجوانب التشريع، كما تم إنشاء مركز للتدريب والبحوث السكانية بجامعة صنعاء، مركز للتدريب ودراسات المرأة في جامعة عدن، كما توسعت مساهمة مؤسسات المجتمع المدني في مجال العمل السكاني، وفي الجانب التشريعي والتنظيمي حدثت خلال هذه المرحلة تطورات مهمة في هذا الجانب، وخلال فترة التسعينيات وبعد تحقيق الوحدة اليمنية صدرت العديد من القوانين الهامة التي تحكم وتنظم المسائل أو المجالات ذات الصلة بتحقيق أهداف السياسة الوطنية للسكان، وفي دراسة تناولت فحص الإطار الدستوري والقانوني في الجمهورية اليمنية ومدى كفاءته وملاءمته لتنفيذ أهداف السياسة الوطنية للسكان، خرجت تلك الدراسة بأن الدستور والتشريعات الصادرة والمعمول بها تضع في مجملها إطاراً مناسباً بل ومتقدماً يمكن من خلاله واستناداً إليه تنفيذ كافة أهداف السياسة الوطنية للسكان وبرنامج عملها، إلا أن بعض تلك القوانين لا تزال تحتاج إلى المراجعة والتعديل والإضافات ناهيك عن ضرورة تفعيلها، وهو ما يتطلب بذل جهود من قبل مؤسسات الدولة والمجتمع لتحقيق ذلك.

الشراكة مع المجتمع المدني والقطاع الخاص والمنظمات الدولية

وفي مجال توسيع الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني، يوضح التقرير بأن السياسة الوطنية للسكان وبالذات المحدثة 2000-2025م قد سعت إلى إقامة شراكة فاعلة مع المنظمات غير الحكومية الوطنية والقطاع الخاص في عملية التخطيط والتنفيذ والعمل على توسيع هذا الدور وتحسين نوع الخدمات التي يقدمها هذا القطاع، وقد ساهمت بعض المنظمات في تقديم الخدمات التي يقدمها هذا القطاع.

وقد ساهمت بعض المنظمات في تقديم الخدمات الصحية بما فيها خدمات صحة الأم والطفل وتنظيم الأسرة، والخدمات التعليمية، وفي مجال دعم عمل المرأة وإشراكها في العمل السكاني، وبالنسبة للقطاع الخاص يشير التقرير إلى أنه وبالرغم مما قامت به وحققته المنظمات غير الحكومية الوطنية والقطاع الخاص من إسهامات في العمل السكاني خلال السنوات الماضية إلا أنها تظل دون المستوى المطلوب، ويوضح التقريران الشراكة التي تسعى إليها السياسة الوطنية للسكان لا تقتصر على المؤسسات الحكومية والقطاع غير الحكومي المحلي، بل تقام هذه الشراكة مع عدد من المنظمات الإقليمية والدولية في هذا المجال، إذ تشارك في تمويل ودعم تنفيذ الكثير من المشاريع السكانية ضمن إطار التنمية البشرية المستدامة، وخلال السنوات العشر الأخيرة تنامي عدد المنظمات غير الحكومية الأجنبية الناشطة في اليمن، وأنه رغم أهمية دور هذه المنظمات الأجنبية في العمل السكاني، إلا أنها تحتاج إلى مساندة الجانب الوطني للسكان.

صعوبات تواجه العمل السكاني

وحول الصعوبات التي تواجه العمل السكاني في بلادنا، يشير التقرير إلى أن هناك العديد من العوامل والصعوبات التي تواجه هذا العمل ويأتي في مقدمتها الآتي:
-أن هناك ضغط سكاني كبير ناتج أساساً عن النمو السريع للسكان بالمقارنة مع أوضاع وإمكانات البلاد وقدرتها على مواجهة هذا التحدي.
-أنه لا يزال يوجد خارج المدرسة الأساسية ما يمثل حوالي (40بالمائة) ممن هم في سن التعليم الأساسي.
-إن تشتت السكان الذي يتوزع في حوالي 135 ألف تجمع سكاني تقع على الهضاب والجبال والصحاري والسواحل يمثل تحدياً في وصول الخدمات إلى كل فئات السكان.
-إن الواقع الثقافي للمجتمع اليمني لا يزال يحول في كثير من الأحيان دون حصول المرأة اليمنية على حقوقها الأساسية.
-أن هناك فجوات في بعض الجوانب التخطيطية وفي جوانب التنفيذ حيث تتركز خدمات هذه البرامج لصالح بعض المناطق والفئات السكانية دون غيرها حيث يلاحظ توفر الخدمات في المناطق الحضرية مقابل الحرمان في المناطق الريفية والفقيرة.

صنعاء/بشير الحزمي

مواضيع ذات صلة