أهمية تعزيز العمل السكاني على مستوى المحافظات

في - الأثنين 02 يونيو 2008

تبنت اليمن سياسة سكانية منذ سبعة عشر عاماً تم خلالها تنفيذ ثلاثة برامج عمل سكانية، ونحن الآن في فترة برنامج العمل الرابع ، وهناك شبه إجماع بين كل المعنيين والمتتبعين لهذا الأمر أن اليمن حققت نجاحات في بعض الجوانب وتمكنت من إيجاد رأي رسمي مساند لهذه السياسة وأهدافها وبرامجها وإحساس عام بضرورة معالجة المشكلات السكانية إلا أن هذا النجاح في رفع الوعي وتحسين بعض المؤشرات الديموغرافية كالانخفاض النسبي في معدل الخصوبة والنمو السكاني ومعدل الوفيات يظل نجاحاً محدوداً ودون المستوى المطلوب لإحداث أثر ملموس في حياة الناس والمجتمع ، وبالمقارنة مع حجم وأبعاد المشكلة، وترُد العديد من الدراسات سبب ضعف اثر العمل السكاني حتى الآن إلا أن هذا العمل ظل طوال الفترة المنصرمة على المستوى المركزي والوطني العام ولم ينتقل إلى معالجة الأوضاع التي تمثل عمق المشكلة والمصدر الأساسي لها وهو الريف، حيث يعيش فيه معظم السكان وتنتشر فيه الأمية وتقل أو تنعدم في بعض المناطق الخدمات الصحية وخاصة خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة إلى جانب انخفاض مستوى الوعي الصحي والسكاني.

وهذا الطرح في رأيي لا يجانبه الصواب ، فرغم ما تم عمله حتى الآن على مستوى المحافظات والريف على وجه الخصوص فإنه يظل عملاً محدداً وأثره ضعيف وبطيْ ، وبرغم تنفيذ بعض الأعمال التي تمت من قبل الأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان والجهات ذا ت العلاقة على مستوى المحافظات وتشكيل لجان لمتابعة تنسيق الأنشطة السكانية في 16 محافظة حتى الآن، إلا أن أثر تلك الجهود لا تخرج عن الحكم العام الذي يتصف به العمل السكاني على مستوى المحافظات، إذ تشير نتائج دراسة ميدانية تمت من قبل الأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان حول واقع لجان تنسيق الأنشطة السكانية في المحافظات وآفاق تطويره، أن أهم الصعوبات التي تواجه عمل تلك اللجان تتمثل في: عدم وجود مخصصات مالية لعمل هذه اللجان في موازنة المحافظات ، ضعف الوعي لدى العديد من أعضاء اللجان وكذلك قيادات المحافظات عن أهمية العمل السكاني ومكوناته ومنهم أعضاء المجالس المحلية ، كما لا توجد قاعدة بيانات ودراسات كافية حول الأوضاع السكانية في المحافظات ومشكلاتها ، ولا يوجد إطار محدد لتطبيق العمل والأنشطة السكانية على مستوى المحافظات.

إن الواقع يشير أن لجان تنسيق الأنشطة السكانية في ظل هذه الأوضاع غير قادرة للقيام بعملها وبالتالي يصعب الحديث عن عمل سكاني متكامل له أهدافه وأنشطته دون أن يعالج الصعوبات التي تواجه هذه اللجان منذ إنشائها والتي مر على بعضها حوالي ثمان سنوات.

وفي هذا الصدد يمكن القول أن النقلة النوعية للعمل السكاني وإيجاد تأثير ملموس للسياسة الوطنية للسكان لا يمكن أن يحدث دون نقل العمل السكاني إلى المحافظات وخاصة الريف منها ودون أن تتبنى المحافظة نفسها في خططها وبرامجها أنشطة العمل السكانية كجزء من الخطط والبرامج التنموية على مستوى المحافظات، وأن تكون قيادة المحافظة وعلى رأسها-محافظ المحافظة- مهتمة بالمشكلات السكانية التي تعاني منها المحافظة ومدركة أهمية معالجتها في تحسين مستوى الحياة المعيشية في المحافظة وهذا هو مفتاح العمل، وهنا يكمن أهمية إيصال الرسالة السكانية للقيادات العليا للمحافظة وما يعنيه العمل السكاني ، ولن يتأتي ذلك دون الاهتمام بـتأهيل وتدريب كوادر فنية قادرة على تحليل الأوضاع السكانية في المحافظة وإبراز مشكلاتها وتحسس قيادات المحافظات بأهمية ومداخل معالجتها، وهو ما تسعى إليه الأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان والجهات ذات العلاقة في المرحلة القادمة وخاصة بعد عقد المؤتمر الوطني الرابع للسياسة السكانية ووضع خطة تنفيذية لتوصيات هذا المؤتمر.

مجاهد أحمد الشعب- مدير عام الإعلا والاتصال والتثقيف السكاني

مواضيع ذات صلة