الإنفجـار السـكاني وأثـرة علـى البـيئـة

البيئة كلمة شائعة الإستخدام يرتبط مدلولها بنمط العلاقة بينها وبين مستخدمها، وهي تعاني من الزيادة السكانية كون هذه الزيادة تتفرع منها العديد من المشاكل التي أشارت اليها بعض النظريات وضرورة النظر بموضوعية في مسالة النمو السكاني ومايترتب عليه من مشكلات، مما دعا العلماء الدعوة الى وجوب تنظيم الأسرة باعتبارها وسيلة لرفع المستوى الصحي والثقافي لافراد المجتمع بشـكل عـام.
والحقيقة الثابتة أن الله قد خلق الكون في نظام دقيق محكم يتميز بالتوازن بين عناصره ومكوناته، وإستمر هذا التوازن بين الانسان وبيئته، حيث كانت الملـوثات محدودة في كميتها ونوعيتها خاصةً وأن عدد البشر كان محدوداً ومتناسباً مع موارده البيئية، ولكن مع بداية الثورة الصناعية بدأت المشاكل البيئية تتفاقم متواكبة في ذلك مع الانفجار السكاني الكبير وسرعة التقدم التكنولوجي لتوفير احتباجات البشر من الموارد الغذائية وأثرت تلك العوامل وغيرها على مستوى التوازن البيئي في مختلف مكوناته وعناصره، وأصبح التحدي الخطـير الذي يواجهـة رفاهية الإنسـان وبقائه متمثل في مواجهة التلوث البيئي وما يصاحبه من مشاكل خاصة المرتبطة بصحة الانسان لأن الانسان هو الذي يصنع ويشكل بيئته التي تعطيه القوت وتمنحه الفرصة لتحقيق النمو الفكري والاخلاقي والاجتماعي والثقافي وعلى الانسان أن يدرك بأن هناك حدود معينة لقدرة تحمل البيئة التي تستطيع أن تتحملها دون الوصول الى حالة التدهور في مكوناتها وعناصرها، وتتنوع المتغيرات من بلد الى أخر ومن بيئة الى أخرى حسب عدد السـكان وكمية الغذاء والمـاء والطاقة والمـواد الخـام الـتي يستعملها ويبـددها كل فـرد.
إن مشاكل البيئة الحقيقية بدأت بعد زيادة عدد السكان وتضاعفه بشكل يهدد الحيـاة نفسـها خاصة في الدول النامية والفقيرة والتي تعد بلادنا واحدة منـها والتي تفتـقر الى الكثير من الوسائل التكنولوجية القادرة على الاسـهام في خـفض معدل الوفيات وسيطرة التقاليد والعادات والقيـم الاجتماعية التي تحبذ وتدعو الى زيادة النسل دون ضوابط مما أدى الى إنخفاض مستويات المعيشة والصحة ووسائل الترفيه وسـبل الحياة النظيفة والسليمة لغالبية السكان، ويمكن القول بأن مشاكل البيئة تختلف في الدول المتقدمة عنها في الدول النامية أو المتخلفة، ففي الوقت الذي تعاني منها الدول المتقدمة من الأثار البيئية الناتجة عن تقدمها الصناعي والتكنولوجي إلا أن هذه الدول تمتلك إمكانيات ووسائل لعلاجها والحد من خطورتها في الوقت الذي تعجز فيه باقي الدول عن ذلك بل انها نتيجة قلة الوعي, وزيادة عدد السكان يساهم ايضا في المزيد من المشكلات البيئية عن طريق الاستخدام السيئ للتكنولوجيا والتوسع الصناعي غير المخطط وعدم الاخذ باسباب ووسائل الامان البيئي، مما زاد من معدلات التلوثات المختلفة المادية مثل الهواء والماء والتربة وغيرها غير المادية مثل الضوضاء والانحرافات السلوكية والثقافية والاجتماعية والاخلاقية, فالسكان في أي مجتمع يمثلون احد أهم العوامل الرئيسية في النظام البيئي وبالتالي فان استمرار الزيادة السكانية وتفاقم المشكلات البيئة تؤدي الى كوارث بيئية متنوعة.
وأخيراً فأن الارتقاء بمستوى التعليم ونشره بين الجنسين وتحسين الوعي السكاني والصحي والبيئي والإستخدام الامثل للموارد الطبيعية والبشرية والعمل على تحقيق التوازن بين أنشـطة الإنسان والموارد البيئية والعمل على زيادة الاهتمام بموضوع تنظيم الاسرة في المجتمعات المحلية ذات الثقافات المتباينة ونشر الثقافة السكانية من جانب الهيئات والجهات الرسمية والشعبية، كل تلك العوامل تشكل قواعد أساسية ورئيسية من أجل خلق توازن بين السـكان والبيئة المحيطة بهم كون البيئة تؤثر في نمو السكان وتوزيعهم.