هل من وزارة للسكان؟
في - الأثنين 13 يوليو 2009تتجه أصابع الاتهام إلى القضية السكانية باعتبارها مولدة للكثير من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، حتى أنناء أصبحنا نقرأ ونسمع من كل وزير أو مختص في أية جهة خدمية يرجع أسباب المشاكل التي يواجهها قطاعه إلى النمو السكاني المتزايد فاستنزاف المياه وشحتها وعجز التغطية لكل السكان تحتل الزيادة السكانية سبباً مباشراً فيها.. ومشاكل التعليم والصحة.. والزحمة المرورية، والتوسع العمراني في المساحات الزراعية وفي مناطق الاحواض المائية وانتشار مظاهر التلوث وتدني مستوى الخدمات الاجتماعية كل ذلك له علاقة بالسكان.
إذاً القضية السكانية ليست قضية سهلة، بل صارت جوهر الاهتمامات على صعيد التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ليس على مستوى اليمن بل على مستوى العالم برمته.
ولذلك خصص لهذه القضية يوم عالمي للاحتفال به بغرض لفت انظار المهتمين وكل شرائح المجتمع إلى أن معالجة الأزمات والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية تتم عبر الاستيعاب الكامل لملامح القضية السكانية، بأبعادها الإيجابية والسلبية، واعتبرت الأمم المتحدة الحادي عشر من يوليو من كل عام يوماً عالمياً للسكان الذي يصادف اليوم السبت.. لتنبيه المعنيين، بالتنمية الاجتماعية بضرورة تفعيل خطط التنمية على ضوء احتياجات السكان، وهذا الأمر يتطلب بنية مؤسسية قادرة على ترجمة تلك الخطط ومتابعة تنفيذها بما ينعكس في تحقيق الأهداف المنشودة والتي تصب في خدمة بناء الإنسان وتحسين مستواه المعيشي والاقتصادي والصحي والمصرفي.
وإذا كان يوم 11 يوليو يوما للاحتفال بيوم السكان على المستويات الوطنية وتذكير كل بلد بمشاكله السكانية.. واتخاذ الإجراءات والآليات المناسبة للحد من هذه المشاكل.. وأنا هنا أطرح اقتراحاً أرى فيه ضرورة مناقشته من قبل القيادة السياسية وهو إنشاء وزارة خاصة بالسكان، وهناك العديد من المبررات الموضوعية لذلك منها:
1-هناك اعتراف رسمي واحساس شعبي بأن القضية السكانية أخذت تتشعب بتعقيداتها.. وتداخلاتها وأصبحت عقبة تحد من أي تقدم سريع نحو تحسين أوضاع المجتمع.
2-تعاملت اليمن من حيث البناء المؤسسي المرتبط بالقضية السكانية.. بأسلوب متدرج بدءاً بتنفيذ مشاريع التعداد السكانية أواسط السبعينات من القرن الماضي.. ثم انشئت أول إدارة عامة للسكان أوائل الثمانينات بالجهاز المركزي للتخطيط وترأسها الاستاذ أمين معروف الجند.. التي كان لهذه الإدارة الفضل في اعداد أول استراتيجية للسكان أوائل التسعينات، وولد مع هذه الاستراتيجية إنشاء المجلس الوطني للسكان.
3-مع إنشاء المجلس الوطني للسكان.. فإن الحق يقال أن أمانته العامة اسست منذ فترة التسعينات وحتى 2007م قاعدة رئيسية في البنية التحتية.. وخاصة في مجال المعلومات والدراسات والبرامج والخطط.. وتأهيل الكادر البشري، ومنح تواصل وعلاقة مثمرة مع الداعمين الدوليين ولا شك أن هذه البنية سهلت للأخ الدكتور أحمد بورجي الأمين العام للمجلس الوطني للسكان الحالي أن يجعل أداء المجلس فعالاً بنفس الوتيرة.
4-ومع تقديرنا لدور المجلس الوطني للسكان ونشاط أمانته العامة إلا أن الكثير من رؤى وتوصيات المؤتمرات السكانية والاستراتيجية الوطنية المحدثة وخطط عملها لم يتم تحقيقها في أرض الواقع.. لأنها مرتبطة بمهام ووزارات ومؤسسات لها ظروفها واهتماماتها الروتينية الأخرى التي قد لا تجعلها قادرة على الوفاء بالتزاماتها على ضوء الوثائق السكانية.. ولذلك تكون المعالجات بطيئة وهذا ما تشير إليه تقارير التقييم التي تعدها الأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان، بما في ذلك عدم الرضا عن نسبة انخفاض النمو فلا يزال فوق 3بالمائة.
5-ان وجود وزارة للسكان سوف يقضي على ظاهرة تنازع الصلاحيات والمسؤوليات بين أكثر من جهة.. وسوف تركز بجهة واحدة معنية بإعداد السياسات والمتابعة والتقييم ومعالجة الاختلالات أولا بأول، كما ستنتظم علاقات الدولة بالجهات الدولية والإقليمية بشكل فعال.
6-ان وجود وزارة للسكان لن يكون بدعة على اليمن فكثير من الدول خصصت ضمن هيكلها الحكومي وزارة للسكان ومنها على سبيل المثال جمهورية مصر العربية التي استحدثت في أبريل الماضي وزارة خاصة بالسكان وزيرها الدكتورة مشيرة خطاب.. واسند اليها الاشراف على كثير من الأنشطة المتعلقة بالقضايا السكانية.
طبعاً نريد وزارة للسكان برؤية وخطة عمل وأهداف.. ليست مظهراً جديداً للبطالة المقنعة.. أو تجمعاً لمن لا وظيفة له.. أو محفلاً للكتبة وإنما وزارة بعدد محدود من المتخصصين والباحثين والمؤهلين وأصحاب الخبرة والتجربة.. وخاصة ممن يعملون حالياً بالمجلس الوطني للسكان.
مجرد فكرة أطرحها في يوم خاص بالسكان.
أ-محمد العريقي