في استطلاع ميداني بمراكز الأمومة والطفولة بأمانة العاصمة

في - الأحد 16 يوليو 2006

تظهر المشكلة السكانية في أي مجتمع بشكل واضح عندما تكون هناك فجوة بين معدل النمو السكاني والموارد الاقتصادية والطبيعية المتاحة، فالأبعاد الوطنية للتنمية تنظر إلى حجم السكان وحاجاتهم من كافة الاتجاهات، فالإنسان هدف التنمية وأداتها، وتعد الصحة الإنجابية محور قضية التنمية البشرية كونها محور الصحة للأم والطفل والأسرة حيث تشكل الصحة الإنجابية الأداة العلمية الفاعلة من حيث تقديم الخدمات الصحية ومساعدة أرباب الأسر على اتخاذ القرار الصحيح المتعلق بحياتهم الأسرية وتنظيم الأسرة، لما لذلك من مردود إيجابي على سعادة الأبوين وصحة أطفالهم.

ولأهمية هذه القضية وتداعياتها، وعن الخدمات التي تقدم في مراكز الأمومة والطفولة ونوعياتها، ومدى إقبال الناس على تلك المراكز والاستفادة من الخدمات التي تقدمها في مجال الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة،  فقد قمنا بالتوجه للعديد من المراكز الصحية وخرجنا بهذه الحصيلة:-

بـدايـة تحدث لنـا الدكتور/ زهير الإرياني -مدير مركز العلفي للأمومة والطـفولة بمديرية التحرير حيث قال: المركز يقدم خدمات صحية أولية مثل تطعيم الأطفال والنساء، وكذلك يوجد عيادة أطفال وعيادة نساء ومختبر تقدم فيه الفحوصات الهامة، بالإضافة إلى وجود قسم خاص بتنظيم الأسرة يوجد فيه أخصائية في مجال تنظيم الأسرة تقوم بتقديم وسائل تنظيم الأسرة للنساء المستفيدات، وذلك بعد أن يتم فحص المرأة من قبل الدكتورة لمعرفة مدى ملائمة لأي نوع من الوسائل وبعد ذلك يتم صرف الوسيلة من قبل الأخصائية، لأنه لا يتم صرف الوسيلة إلا بعد التأكد من توافقها مع الحالة الصحية للمـرأة، وذلك حتى لا يكون هناك أي مضاعفات فيما بعد قد تنعكس سلباً على المرأة كما يقوم المركز أيضاً بتوفير جميع الوسائل الخاصة بتنظيم الأسرة بأسعار رمزية وبحسب السعر المعمول به من قبل وزارة الصحة العامة والسكان، وبالتالي لا توجد أي صعوبة في عملية الحصول على الوسيلة.

وفيما يخص التوعية والتثقيف فالمركز يعقد ثلاث محاضرات أسبوعية للنساء تتناول فيها مواضيع مختلفة عن الحمل والولادة ومضاعفاتهما وأهمية الرضاعة الطبيعية وقضية الأسرة حيث يتممن خلالها تقديم شرح وافي عن معنى تنظيم الأسرة والفوائد التي تعود على الزوجين بشكل عام والزوجة بشكل خاص نتيجة المباعدة بين الولادات، كما تقوم المرشدات العاملات بالمركز بعمل جلسات توعية ومشورة للزوجين عن تلك الوسائل وفائدتها حتى يتم اتخاذ القرار من قبل الزوجين بشكل سليم، بالإضافة إلى عرض فلاشات وتنويهات عبر الفيديو في صالة الانتظار عن تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، لتعزيز الوعي لدى المستفيدات إلى جانب توزيع البرشورات التي يقوم المركز بطباعتها من مخصصات الدعم الشعبي، على المواطنين لرفع الوعي بأهمية تنظيم الأسرة.

كما إننا نقوم أيضاً بعمل نزول ميداني إلى المدارس الخاصة بالبنات في نطاق المديرية، حيث تقوم المرشدات الصحيات بتقديم محاضرات عن أعراض البلوغ ومراحل سن المراهقة والتغيرات التي تطرأ على الفتاة أثناء البلوغ وغير ذلك من المواضيع التي تتعلق بالفتاة.

وفيما يخص الصعوبات والعراقيل يمكنني القول أن أي عمل لا يخلو من عراقيل أو صعوبات ولكن نحن بحمد الله نحاول التغلب عليها من أجل تقديم خدمة أفضل، وكما تعرف بأن هناك بعض الروتين في عملية صرف المخصصات مثلاً، أو الوسائل أو الأجهزة التي يجب أن تكون متوفرة، ومع ذلك إلا أننا نحاول توفير ما استطعنا حتى لا يأتوا إلينا المواطنين فلا يجدوا الخدمة.

وفي مركز ابن الهيثم الطبي لخدمات الأمومة والطفولة بمديرية شعوب تحدث لنا الدكتور/ مطهر شرف الدين -مدير المركز قائلاً: المركز يقدم خدماته خلال الفترتين الصباحية والمسائية، ويوجد خدمات تطعيم الأطفال والنساء، وكذا عيادة الأطفال والنساء والولادة، وتنظيم الأسرة، ويستفيد من خدمات هذا المركز شريحة كبيرة من المواطنين في إطار المديرية أو ممن يأتون من المناطق الريفية المجاورة.

كما تتوفر في المركز جميع خدمات تنظيم الأسرة عدا الغرسات كون هذه الخدمة بحاجة إلى أخصائية وبالتالي هناك صعوبة في توفير هذه الخدمة، أما الخدمات الأخرى فهي متوفرة ويتم صرفها من قبل أخصائية تنظيم الأسرة بعد فحص المرأة التي تريد إستخدام إحدى وسائل التنظيم، وبالتالي يتم صرف الوسيلة بطريقة منظمة، ولكن نعاني من وجود بعض العراقيل من حيث قلة الوعي الكافي لدى الناس، فالبعض يريد الاستفادة من إحدى الوسائل إلا أنه ليس لديهم المعرفة الكاملة حول كيفية استخدام تلك الوسائل.

ويضيف: نحن في المركز نقوم بصرف بطاقة متابعة لتنظيم الأسرة حيث يتم منح المرأة المستفيدة هذه البطاقة من أجل متابعة حالتها أثناء الزيارة ومنحها الوسيلة المناسبة وذلك بعد موافقة الزوج.

وعن عدد المستفيدات ومدى الإقبال أقول: بأن المركز بدأ العمل منذ عامين فقط وبالتالي فعدد الحالات يصل شهرياً ما بين 220-250 حالة تقريباً للاستفادة من الخدمات المقدمة.

وفيما يخص التثقيف الصحي ووسائل عرض للبرامج والأفلام، يوجد هناك قصور في هذا الجانب كون المركز لم يزود حتى الآن بأي وسيلة خاصة بعملية التثقيف عدا بعض الملصقات واللوحات الحائطية وهذا غير كافي لتعزيز الوعي، ونحن الآن بصدد المتابعة لتوفير وسائل التثقيف الصحي، وحسب خطتنا نقوم بعمل محاضرات أسبوعياً لعدة مجالات صحية وطبية، وفي مجال تنظيم الأسرة هناك محاضرة في كل شهر نستهدف فيها الآباء والأمهات والمستفيدات من المركز وبحسب الإمكانيات المتاحة.

كما أريد التأكيد هنا على أن المركز بحاجة إلى الأجهزة الضرورية سواءً التشخيصية مثل الانترسوان والتلفزيون وجهاز الكيمياء للمختبر، بالإضافة إلى وحدة الأسنان وأجهزة التثقيف والإرشاد الصحي مثل التلفزيون والفيديو والأشرطة التوعوية والتثقيف حتى يتم تعزيز الوعي لدى المترددين على المركز خاصة وإن هناك مواطنين في المناطق الريفية ممن هم بحاجة إلى توعية فيما يخص الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة.

وأخيراً نأمل أن تتعاون معنا الجهات المعنية في توفير المستلزمات الهامة حتى يتم تقديم خدمة نوعية ومتطورة للمواطن ليشعر بأن هناك تطوراً ملحوظاً في مجال الخدمات الطبية في تلك المراكز.

في مجمع آزال الطبي للأمومة بمديرية آزال التقينا الدكتور/ صالح الحاج -مدير المركز الذي تطرق في حديثة إلى أهمية تنظيم الأسرة لما لذلك من أهمية للزوجين من حيث سهولة تربية الأطفال والحفاظ على صحة الأم من خلال المباعدة بين المواليد والرضاعة الطبيعية للطفل لما لذلك من فائدة كبيرة للطفل.

وقال: أريد أن أشير إلى أن المجمع يقوم بتقديم خدمات جيدة في مجال الصحة الإنجابية ورعاية الحوامل وتنظيم الأسرة، حيث تتوفر جميع وسائل تنظيم الأسرة والتي يتم صرفها للنساء المستفيدات من قبل الأخصائية في تنظيم الأسرة.

وأضاف: إن زيادة الوعي الصحي والسكاني لدى المواطنين أصبح جلياً من خلال الزيادة المستمرة في عدد المستفيدات التي تقدم خدمات تنظيم الأسرة ومما تؤكد ذلك الإحصائيات الشهرية التي تبين تزايد الإقبال على استخدام وسائل تنظيم الأسرة، أما فيما يتعلق ببرامج التثقيف والإرشاد الصحي فإننا نقوم بعمل جلسات توعية للنساء وتقديم المشورة للزوجين من قبل المرشدات الصحيات، وعرض برامج وأفلام توعية فيما يخص الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة وفوائدها على الأسرة والمجتمع.

من جانب آخر وحيث كان لابد من التعرف عن قرب عن انطباعات وآراء المترددات والمستفيدات من الخدمات المقدمة في تلك المراكز الصحية حول هذه المواضيع والقضايا وغيرها، قمنا بالتوجه نحوهن وخرجنا بالنتيجة التالية:

الأخت/ سميرة ربة بيت تحدثت قائلةً: إن تنظيم الأسرة أصبح ضرورياً في وقتنا الحاضر، لأن كثرة الأطفال تسبب مشاكل كبيرة خاصة إذا كان رب الأسرة غير قادر على توفير المستلزمات الضرورية، وبالتالي يكون وضع الأطفال غير جيد تعليمياً وصحياً، وكذا لا يجدون الرعاية الكافية فأنا مثلاً أعول ثلاثة أطفال وقد استخدمت وسائل تنظيم الأسرة لأن زوجي موافق على ذلك وأئتي إلى المركز لمراجعة الأخصائية لأن الوسيلة المستخدمة عندي هي اللولب والذي يحتاج إلى فحص من باب التأكد والاطمئنان فقط، وبالنسبة إلى المركز وخدماته جيدة والأسعار رمزية مقارنة بالعيـادات الخارجية وهذا ما يشجع النساء على التردد وأخذ الوسائل.

أما الأخت أم سمير تقول: أتيت إلى المركز لأخذ إحدى وسائل تنظيم الأسرة لأن لدي طفلين أريد أن أرعاهم وأوفر لهم الاحتياجات الأساسية فكثرة العيال يجعل الأب والأم في حالة نفسية سيئة وخاصة إذا كان رب الأسرة من محدودي الدخل، كما أريد أن أقول أيضاً بأن عملية صرف الوسيلة أحيانا لا تكون صحيحة لأن البعض يقوم ببيع الوسيلة وخاصة الحبوب تلقائياً ولا نجد المختصة من أجل الاستفسار عن الوسيلة لمعرفة هل لها عيوب أم لا وكذلك بعض الأحيان تأتي المرأة إلى المركز ولا تجد أي توعية أو تثقيف وهذه مشكلة لأن ليس كل النساء يعرفن استخدام تنظيم الأسرة.

أما زميلة أم سمير فتقول: نسمع عن الوسائل وتنظيم الأسرة وعندما نذهب للمركز يقولوا لنا ارجعين بعد يومين أو ثلاث بحجة عدم توفر وسائل تنظيم الأسرة في هذا المركز.

وفي إحدى المراكز كما تؤكد إحدى القابلات بأنه يتم تداخل الاختصاصات ويقوم بعض الإداريين بأخذ الحبوب وبيعها إلى النساء، ولا يعطى الوسائل لأخصائية تنظيم الأسرة، وهذه مشكلة لأن المرأة تحرج عندما تطلب الوسيلة من الصحي أو الإداري في المركز وبالتالي يجب أن تصرف وسائل تنظيم الأسرة للأخصائية من القابلات العاملات في المركز من أجل أن يتم صرفها بطريقة صحيحة.

ولتسليط الضوء أكثر على هذا الموضوع التقينا الأخ/ أحمد عبدالله العذري -مشرف الصحة الإنجابية بمكتب الصحة في الأمانة الذي تحدث عن الدور الذي تقوم به إدارة الصحة الإنجابية في المكتب حيث قال: نحن نقوم بتوفير وسائل تنظيم الأسرة من الوزارة من أجل توزيعها على المراكز بحسب الاحتياج وبحسب ما يتم الرفع به من قبل المراكز الصحية والكميات التي يجب توفيرها، ونعمل على صرف تلك الوسائل كعهده على مدراء المراكز بالإضافة إلى توفير وسائل احتياط نظراً لأن بعض المراكز يزداد الإقبال عليها من قبل المستفيدات الراغبات في استخدام الوسائل وبالتالي يكون هناك زيادة في الصرف.

وفيما يخص الإشراف والمتابعة نحن في المكتب نقوم بالإشراف والمتابعة للمراكز بشكل دوري مرة إلى مرتين في الشهر لكل مركز لغرض التعرف عن كيفية تقديم الخدمات والإطلاع على السجلات الخاصة بتنظيم الأسرة من أجل تكون عملية التقييم جيدة.

ونحن بدورنا في إدارة الصحة الإنجابية نقوم بتدريب الكوادر الصحية من القابلات فيما يخص تنظيم الأسرة، ويمكن القول بأن 80بالمائة من الأخصائيات في مجال تنظيم الأسرة في المراكز قد تم تدريبهن، وبالتالي أصدرنا تعميم بضرورة تسليم وسائل تنظيم الأسرة للأخصائية حتى تسهل علينا عملية المتابعة، ولكن مما يسبب لنا إرباك في العمل هو التغيرات التي تتم في بعض المراكز الصحية أو على مستوى المديرية، حيث يتم غالباً استبدال أخصائية تنظيم الأسرة بأخرى جديدة تكون بحاجة إلى تدريب جديد، وهذا سبب رئيسي في إرباك العمل، بالإضافة إلى أن بعض المدراء يقومون بأخذ الوسائل وصرفها للأخصائية على شكل دفعات لغرض متابعة العهدة لدى القابلة، وأحياناً تنفذ الكمية والمدير غير موجود وبالتالي تسبب عرقلة في العمل، لكن نحن نشدد بضرورة تسليم الوسائل لأخصائية تنظيم الأسرة وأصدرنا بذلك تعميم.

وفيما يخص عملية بيع الوسائل فقد حددت تسعيرة معينة من قبل الوزارة مؤخراً بحيث تكون ملزمة لكافة المراكز وفي حالة وجود مخالفات في عملية الأسعار يتم محاسبة مدير المركز وفي هذا الصدد أذكر أن إحدى المراكز قام بتجاوز السعر المحدد من قبل الوزارة في بيع إحدى الوسائل وحينها وصلت إلينا الشكوى وتم التحقيق مع مدير المركز، وكذا إيقافه عن العمل وفيما يخص توفير الأجهزة نحن بدورنا نقوم بالمتابعة في الجهات ذات العلاقة من أجل توفير الأجهزة الضرورية سواءً فيما يخص الفحص أو فيما يخص الأجهزة الخاصة بالتثقيف الصحي من التلفزيونات والفيديوهات، وإن شاء سيتم توزيع عدد من الأجهزة الخاصة بالتثقيف الصحي لعدد من المراكز قريباً، ونحن نقدم كل ماهو متاح من أجل تحسين الخدمة في تلك المراكز.

ومن المشاكل التي نواجهها في المراكز، عدم توفر أخصائيين في عملية الغرسات وهي إحدى وسائل تنظيم الأسرة حيث لا يوجد أخصائيين سوى في مستشفى السبعين والمستشفى الجمهوري، وقد قمنا بعمل مذكرة إلى الوزارة بتدريب عشرين طبيباً يتم توزيعهم على المراكز وإدخال هذه الوسيلة لأنها تحتاج إلى عملية تحت الجلد وبالتالي يجب أن يقوم بها طبيب مؤهل.

وفيما يخص أدوات الكشف في المراكز يؤكد الأخ/ العذري بأنه قد تم توفير جهاز تعقيم حديث يعمل على تعقيم الأدوات والقضاء على كافة الميكروبات والأمراض المنقولة ونقوم بعملية الكشف المفاجئ إلى المراكز للتأكد من سلامة تلك الأدوات ومدى صلاحيتها.

في الأخير أود الإشارة إلى أنه من خلال التقارير التي ترفع إلينا نجد تزايد مستمر في عدد المستفيدات التي تقدم خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة وهذا يدل على أن هناك وعي لدى الناس بضرورة تنظيم الأسرة وأهميتها نظراً للحالة التي يعيشها المجتمع من نمو سكاني كبير.

استطلاع/ شوقي العباسي

مواضيع ذات صلة