نتائج دراسة الإسقاطات السكانية تمكن من معرفة الاحتياجات ومواجهة التحديات في المجالات المختلفة
في - الأحد 26 ديسمبر 2010أكد الأمين العام للمجلس الوطني للسكان الدكتور/ أحمد علي بورجي أن استقراء مستقبل السكان والتغيير في حجمهم وتركيبهم وتوزيعهم يعتبر من الأساسيات العملية والعلمية في التخطيط الاقتصادي والاجتماعي لأي مجتمع من المجتمعات الحديثة ، علاوة على ذلك يصعب على الكثير من مستخدمي البيانات الحصول على بيانات عن حجم السكان في المستقبل تكون مبنية على أسس علمية ما لم تتوفر متطلبات إنجازها من كادر فني متخصص لتنفيذ هذا النوع من الدراسات إضافة إلى توفير التمويل الكافي.
وقال: أن إقرار المجلس الوطني للسكان في اجتماعه برئاسة رئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور نتائج دراسة الإسقاطات السكانية للفترة 2005-2025م وفقا للبدائل المختلفة للخصوبة والوفيات ، دليل على أهمية هذه الدراسة في تقديم توقعات مستقبلية عن عدد السكان والمساعدة في إيضاح الاتجاهات المؤثرة على المتغيرات والقيم والمؤشرات الديموغرافية ذات الصلة بحجم السكان وهيكله وتركيبه وتوزيعاته وخصائصه المختلفة التي في ضوء نتائجها يمكن معرفة الاحتياجات ومواجهة التحديات في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها ووجه المجلس بنشر نتائج الدراسة وتوزيعها على الجهات الحكومية ذات الصلة للاستفادة من مخرجاتها وكذا لإفساح المجال أمام المهتمين والباحثين للاطلاع عليها ، مشيراً إلى أن عملية التنمية في مختلف المجالات تتطلب توفر بيانات ومعلومات عن السكان والنمو السكاني والتركيب العمري والنوعي للسكان ومؤشرات ديموغرافية مهمة ناتجة عنها.
وأشار أمين عام المجلس الوطني للسكان إلى أن القائمين على وضع برامج وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية بحاجة إلى بيانات دورية بشكل سنوي مستمر عن عدد السكان وتوزيعهم الجغرافي وتركيبهم العمري والنوعي وغيرها من الخصائص ، كما يتطلب تلبية احتياجات المجتمع من الخدمات الصحية والتعليمية والخدمية وتوفير البيانات التفصيلية بشكل دوري وسنوي ، ونتيجة لعدم إمكانية توفرها بتلك الصفة فإنه يتم عمل تقديرات سكانية لتلبية الغرض وتغطية الفجوة الحاصلة بين التعدادات والمسموح والإسقاطات السكانية كإحدى الطرق العلمية لتوفير البيانات عن السكان وخصائصهم.
وأوضح أن دراسة الإسقاطات السكانية التي تم إقرارها مؤخراً تتكون من جزئين الأول يمثل الإسقاطات الإجمالية للجمهورية حسب العمر والنوع ، والثاني يمثل الإسقاطات الإجمالية للسكان على مستوى المحافظات ، اشتملت الدراسة التي تم إعدادها بالاعتماد على نتائج التعداد العام للمساكن والسكان لعام 2004م على مؤشرات متكاملة حول الخصوبة والوفيات حتى 2025م بالبدائل المختلفة (منخفضة ، متوسطة ، مرتفعة).
وأضاف: أن الدراسة تم إجراؤها بالاعتماد على بيانات التعداد العام للسكان والمساكن عام 2004م التي شملت التركيب العمري والنوعي للسكان ومؤشرات الخصوبة والوفيات بعد تقويم بيانات التركيب العمري والنوعي للسكان ، وقد اعتبر منتصف سنة 2005م نقطة أساس للإسقاط للمرحلة المقبلة بعد معالجة البيانات وإسقاط أحوال السكان من حيث العمر والنوع على هذه النقطة ، لتتواكب عملية الإسقاط من خطة التنمية الخمسية الثالثة التي بدأت منذ العام 2006م وإلى جانب التركيب العمري للسكان وضعت افتراضات مستقبلية عن الخصوبة والوفيات في اليمن: ثلاثة مستويات للخصوبة (مرتفع ومتوسط ومنخفض ومستويين للوفاة ، متوسط ومنخفض).
أهمية الإسقاطات
إن أهمية عمل دراسة الإسقاطات السكانية تتواكب مع التزايد المستمر والمتواصل في الطلب على البيانات والمؤشرات الإحصائية التي تحتويها الدراسة خصوصاً من مصممي وواضعي الخطط التنموية والاقتصادية والاجتماعية وراسمي السياسات ومتخذي القرارات بحكم إنها توفر لهم الكثير من البيانات عن حجم السكان وتركيبهم العمري والنوعي لسنوات الإسقاط المفترضة.
هدف الدراسة
لقد هدفت هذه الدراسة أساساً إلى إعداد إسقاطات لسكان الجمهورية حسب الأعمار الأحادية وفئات العمر الخمسية والنوع للفترة (من عام 2005م حتى عام 2025م) ولسنوات الإسقاط الأحادية والخمسية حسب فروض معينة للخصوبة والوفاة والهجرة.
منهجية الإسقاطات
يعتبر الاستقراء لمستقبل السكان والتغيير في حجمهم وهيكلهم وتركيبهم وتوزيعاتهم المختلفة وخصائصهم عبر المحاور الزمانية والمكانية من الأساسات العملية والعلمية للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي لأي مجتمع من المجتمعات الحديثة ، ويقوم هذا الاستقراء على تطبيقات وسائل رياضية وإحصائية وديموغرافية مع توفير بيانات سكانية دقيقة ومفصلة تعكس الملامح السكانية ومكوناتها ومعدلات نمو السكان عند إجراء ذلك الاستقراء ، وتعرف هذه الطرق -بمدخلاتها ومخرجاتها البيانية- بالإسقاطات السكانية ، وتعتمد الإسقاطات السكانية على نتائج التعدادات السكانية من ناحية ، وعلى الدراسات في مستويات الوفيات والخصوبة والهجرة السائدة في فترات زمنية مختلفة في ناحية أخرى ، بالإضافة إلى الاتجاهات المستقبلية المفترضة لهذه المكونات ، ومن واقع الدراسة يتم وضع البدائل المختلفة لعناصر النمو السكاني ومن ثم تقدير أعدادهم وخصائصهم ليعتمد عليها المخططون وواضعو السياسات ومتخذي القرار والدارسون في هذا المجال.
مصادر البيانات
لقد تم استخدام بيانات النتائج النهائية للتعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت الذي أجري في ديسمبر عام 2004م كمصدر رئيسي لإعداد هذه الدراسة ، وتم اختيار أول يوليو من عام 2005م نقطة ارتكاز لعمل الإسقاطات ، وبالتالي كان من الضروري إجراء إسقاط أولي للسكان من عام 2004م إلى منتصف عام 2005م ، وتم استخدام طريقة (التركيبة) في إعداد هذه الدراسة كما سبق ذكره ، لأنها تعتبر من أدق الطرق وأفضلها لإجراء الإسقاطات السكانية حسب الأعمار الأحادية وفئات العمر الخمسية والنوع.
الاستنتاجات
تفترض بدائل الخصوبة انخفاض الخصوبة في المستقبل، لكنها تختلف في سرعة الانخفاض، ففي البديل الأول يكون الانخفاض بطيئاً حيث ينخفض معدل الإنجاب الكلي (5.6) مولود في الفترة (2005-2015م) إلى (4.1) للأنثى خلال الفترة (2020-2025م) ، وفي البديل الثاني يكون الانخفاض أسرع ولكن بدرجة معقولة تتفق مع التجارب التي شهدتها الدول التي مرت بظروف مشابهة لليمن ، حيث يصل معدل الإنجاب الكلي في نهاية فترة الإسقاط إلى (3.7) مولود ، وأما البديل الثالث فيفترض انخفاضاً أسرع من سابقيه حيث يصل المعدل إلى (3.3) مولود في نهاية فترة الإسقاط.
وفي ما يتعلق بالوفاة تم وضع بديلين الأول (بديل متوسط) أي أن الوفاة ستنخفض بسرعة متوسطة في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية القائمة والمتوقعة في الدولة ، وقد استخدم توقع الحياة كمؤشر على مستوى الوفاة في المجتمع ، حيث سيرتفع من (62.9) سنة للإناث و (61.1) للذكور خلال فترة (2005-2015م) إلى (65.9) سنة للإناث و (64.1 ) سنة للذكور في نهاية فترة الإسقاط (2020-2025م).
أما البديل الثاني (المنخفض) فيفترض انخفاضاً أسرع للوفاة من البديل الأول ليصل توقع الحياة عند الولادة إلى (70.9) سنة للإناث و (69.1) سنة للذكور في فترة نهاية الإسقاط وفي ما يتعلق بالهجرة الدولية وتأثيرها على النمو السكاني في اليمن فقد افترض أن يكون صافي الهجرة يساوي صفراً ، بمعنى أنه ليس لها تأثير ، لأن الهجرة الخارجية تتأثر بعوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية في المنطقة مما يصعب معه التنبؤ بما سيحدث على الساحة السياسية في المنطقة وبالتالي عدم إمكانية وضع أي افتراضات تتعلق بالهجرة الدولية ، أما الهجرة الداخلية فليس لها أي تأثير في الإسقاطات الحالية حيث إنها تتم على مستوى الجمهورية. وبدمج الافتراضات المتعلقة بعوامل النمو السكاني (الخصوبة والوفاة والهجرة) تم الحصول على (6) بدائل للتوقعات المستقبلية للسكان ، وتبين هذه البدائل الحد المتوقع للتقديرات السكانية الأكثر احتمالاً. فالبديل رقم (1) الذي يجمع بين البديل المتوسط للخصوبة والبديل المتوسط للوفاة يوحي الجهاز باعتماده لأغراض الاستخدامات المتنوعة الرسمية وغير الرسمية ، وهناك بديلان يمثلان الحد الأعلى والحد الأدنى لتوقعات السكان وهما على التوالي البديل (5) ، (خصوبة مرتفعة ووفاة منخفضة) والبديل رقم (3) ، (خصوبة منخفضة وفاة متوسطة). وفي ما بينهما يفترض التوقع حسب الواقع الذي يمكن أن يكون عليه حال المجتمع حينئذ.
إن تأثير التباينات في البدائل المختلفة للخصوبة والوفاة على حجم السكان المتوقع لن يبدأ قبل منتصف العقد الثاني من القرن الحالي ، بسبب عزم واندفاع النمو السكاني لآباء وأمهات المستقبل الذين قد ولدوا ويتمركزون في فئة السكان (أقل من 15 سنة) يشكلون نسبة 45بالمائة من إجمالي السكان حالياً ، ويزداد تأثير التباينات للافتراضات الموضوعة مع تقدم الزمن حيث تظهر الفجوات بين مختلف البدائل بوضوح في نهاية فترة الإسقاط ، وينطبق هذا على حجم ومعدل نمو السكان وعلى المؤشرات المختلفة مثل معدل المواليد ومعدل الوفاة والمؤشرات المتعلقة بالتركيب العمري.
ويمكن القول بأنه كلما كان البدء بدعم السياسات والبرامج الوطنية للسكان مبكراً أمكن السيطرة على الوضع بشكل أفضل وهو خير من التأثير الذي يؤدي إلى تفاقم المشكلة وتدهور الأوضاع إلى الحد الذي يفقد معه السيطرة عليها أو زيادة متطلبات التعامل معها من جهة وزيادة الفترة اللازمة لتحقيق الأهداف من جهة أخرى ، لأن معدل النمو في حجم السكان سيشكل تحديا للجهود الوطنية نظراً لتأثير معدلات النمو العالية في الناتج الإجمالي القومي في ظل الظروف والمعطيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الحالية المتوقعة وستؤدي آثار هذا النمو جملة من الإجراءات المعنية لتحقيق مستويات أعلى في حياة السكان ورفاهيتهم ناهيك عن الآثار السلبية للنمو السكاني على فرص تنمية موارد الدولة ، وستؤدي الضغوط السكانية إلى التأثير السلبي والمباشر على التعليم والصحة والمياه والغذاء والسكن والبيئة.