أهمية إحياء اليوم العالمي للسكان
في - الثلاثاء 03 يوليو 2012النمو السكاني في ظل محدودية الدخل يمثل أهم عامل مؤثر على اتساع رقعة الفقر وتفشي البطالة بنسبة 44بالمائة من عدد سكان اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي.
تحتفل بلادنا مع سائر دول العالم في الحادي عشر من يوليو الجاري بمناسبة اليوم العالمي للسكان والذي خصص موضوعاً شعاره إتاحة خدمات الصحة الإنجابية وتشمل فعاليات الاحتفال على العديد من الفقرات المرتبطة بقضايا السكان والتنمية.
وتكمن أهمية إحياء فعاليات اليوم العالمي للسكان في الكم الكبير من التحديات والمشاكل المرتبطة بالقضايا السكانية وأهمية الإنسان الذي هو أساساً محور التنمية كما أنها تمثل فرصة مواتية ليتم من خلالها تسليط الضوء على قضايا ومفردات تتعلق بالخصائص الديموغرافيه لليمن والتعرف على أهم المشاكل السكانية خصوصا وأن نسبة معدلات الخصوبة مرتفعة في أوساط الأمهات حيث ترتفع بين الأمهات غير المتعلمات إلى 8بالمائة بينما تصل لدى الأمهات المتعلمات 2بالمائة أي أن اليمن تواجه تحديا حقيقيا في جانب النمو السكاني نظرا لارتفاع معدلات الخصوبة بين الأمهات وارتفاع معدلات النمو السكاني والتشتت السكاني الكبير الأمر الذي يصعب معه تقديم خدمات الصحة الإنجابية والخدمات الأخرى بشكل جيد ، بالإضافة إلى عدة عوامل ساهمت في تفاقم المشكلة السكانية في البلاد منها العادات والتقاليد المجتمعية التي ظلت لعقود طويلة تمثل المعضلة الرئيسية التي حالت دون تنفيذ الخطط والبرامج السكانية في المجتمعات المحلية ووقفت عائقاً أمام وصول الدعم ووسائل تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية إلى المستفيدين حتى فترة ليست ببعيدة بسبب الاعتقاد الخاطئ بأن كثرة الإنجاب تشكل قوة اقتصادية وعصبية وتعزز مكانة الأسرة وخاصة في المناطق الريفية.
عائقا كبيرا للتنمية والاستقرار
وذا ما نظرنا إلى طبيعة اليمن الاقتصادية المتواضعة فإن هذا يعد تحدياً كبيراً حيث لا تمثل مخرجات التنمية الحد المتوسط لمعدلات الزيادة السكانية الفريدة على المستوى الإقليمي والعالمي والذي من شأنه تدهور في جوانب الخدمات والمتمثل بصفة الخصوص في الجوانب التعليمية والصحية .. الأمر الذي يتطلب جهودا مضنية لتحقيق الحد الأدنى من تقديم الخدمات حيث يصبح مثل هذا النمو السكاني البالغ 3بالمائة مشكلة وعائقا كبيرا للتنمية والاستقرار خصوصاً في المدن الرئيسية ، ما أدى إلى قصور في قدرة الحكومة على توفير الخدمات المختلفة للسكان ناهيك عن عدم كفاية المصادر الطبيعية على تغطية المتطلبات المتزايدة للسكان من الماء والغذاء والتعليم والصحة وغير ذلك.
مناسبة للتذكير
تأتي مناسبة اليوم العالمي للسكان لتذكيرنا بأنه إذا لم نعي حقيقة المشكلة سنظل نعيش كارثة اجتماعية خطيرة وانحطاط متزايد بمستوى المعيشة بكل تأكيد وستسير الأمور من سيء إلى أسوأ جراء خطورة الانفجار السكاني الذي نعيشها اليوم، وبحسب برنامج الغذاء العالمي -في تقرير له نشر مؤخراً- أشار إلى أن أكثر من 10 ملايين يمني يواجهون انعدام الأمن الغذائي ما يقارب من 44بالمائة من عدد سكان اليمن، نصف هؤلاء يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد (يقارب المجاعة) وبعض المحافظات وصل مستوى الجوع فيها إلى 60بالمائة تقريباً من عدد سكانها، هذه أرقام تمت طبقاً لإحصائيات في ديسمبر 2011 ومن المتوقع الآن أن تكون كل هذه الأرقام قد ارتفعت نتيجة استمرار كل مقومات الأزمة ، كما أن الأرقام التي تتضمنها التقارير الدولية حول الأزمة الإنسانية في اليمن تشير إلى أن ما يقارب من مليون طفل يمني معرضون للموت بسبب الجوع، وعدد الأطفال الذين يعانون سوء التغذية في اليمن أكبر بثلاث مرات من الأطفال الذين يعانون سوء التغذية في الصومال، ونسبة الوفيات بين الأطفال أقل من 5 سنوات هي واحدة من أعلى المعدلات في العالم في حين يأتي اليمن الثاني عالمياً كأعلى معدل لسوء التغذية بين الأطفال أقل من 5 سنوات.
خطورة النمو السكاني
مناسبة الاحتفال باليوم العالمي للسكان تعيد لنا الأمل أن يحدث التغيير في بلادنا نحو الأفضل وكلنا ثقة بأن الحكومة واعية بما فيه الكفاية إلى ضرورة حل المشكلات السكانية بشكل جذري كونها مشكلة المشكلات، ودق ناقوس الخطر واليقظة لقيادة البلد واللحاق بركب الحضارة الإنسانية المتسارعة في التطور والتقدم بكافة الميادين ، وفي هذه المناسبة السنوية يجب أن ندرك حقيقة مدى خطورة النمو السكاني على مجتمعنا كون النمو السكاني لدينا لا يرافقه نموا في الموارد والخدمات، وفي ضوء انخفاض معدلات الدخل في بلادنا وزيادة في حجم الأسرة أصبحنا نئن من وطأة الأعباء المثقلة التي تزيد يوما بعد يوم عاجزون عن توفير حتى المتطلبات الأساسية لأبنائنا وهنا تكمن المشكلة ، وهنا يجب أن نتسال ما هي مسؤولياتنا تجاه المولود الجديد في الأسرة وكيفية توفير العيش الكريم له ، وان نؤمن أن لمستقبل يخبيء لنا في ثناياه هموم ومستقبل غامض لأفراد هذه الأسرة التي تنمو في المجتمع ويتزايد أعدادها دون دراسة ودون وعي ويجعلنا نلهث كثيرا وتنهك قوانا وتستنفذ طاقاتنا ونصاب بأمراض الشيخوخة المبكرة دون أن نقدر على توفير المتطلبات الضرورية لهذه الأسرة، والسبب في ذلك عدم الوعي بالمسؤولية بضرورة الموازنة ما بين دخل الأسرة ومتطلبات الحياة المتزايدة والتي أصبحت فيها الكماليات من الضروريات حقا.
اتساع رقعة الفقر وتفشي البطالة
لانفجار السكاني في ظل محدودية الدخل في المجتمع اليمني يمثل أهم عامل مؤثر بقوة على اتساع رقعة البطالة وتفشي الفقر ليطال نسب كبيرة من أفراد المجتمع اليمني وبالتالي ارتفاع نسبة الجريمة بفعل معدل النمو المتزايد القائم على الزيادة السكانية وهذا بالتأكيد يوفر بفعل البطالة مباشرة الزيادة القتل وأعمال السلب والنهب وعامل مشجع للفساد والجرائم المخلفة بالشرف ، كما أنه يسهم في تفاقم العديد من المشكلات كتزايد ضغوط الطلب على الاحتياجات والخدمات الأساسية وخاصة التعليم والصحة والسكن والغذاء ، وزيادة ضغوط العرض في سوق العمل وارتفاع نسبة الإعالة والبطالة والفقر، هذا الانفجار السكاني يعوق إحداث تغيير ملموس في نوعية الحياة للسكان فماذا بوسع اليمن الجديد استجابة التحدي.
في الأخير ينبغي تفعيل كل السياسات والبرامج التي تم اعتمادها من قبل الحكومة في إصلاح القطاع الصحي وبقية القطاعات الأخرى وهي: إستراتيجية الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة، والسياسة السكانية وبرنامج العمل السكاني، وخطط وإصلاح القطاع الصحي، وتنفيذ السياسات الإستراتيجية للتخفيف من الفقر للوصول الى حلول ناجحة في مواجهة هذه المشكلة ، كما يتوجب على المخططين وصناع القرار إمعان النظر في هذه الجوانب بالذات ومضاعفة الجهود والاستفادة من الوقت وخبرات الغير حتى لا نضع أنفسنا فجأة لأن الزيادة السكانية ليست مشكلة خلفت آثارا سلبية أجهضت مختلف القطاعات الخدمية وحسب ولكن امتدت آثارها لتأكل الأخضر واليابس وجعلت الناس لا يلمسون آثارا للتنمية المختلفة.
كتب /شوقي العباسي