تنظيــــم الأســـرة فـــي الشهر الكــريم
في - الخميس 02 أغسطس 2012الجنوح إلى الرغبة في تأجيل الإنجاب شيء جيد يعكس روح التحلي بالمسؤولية من قبل الزوجين وحرصهما على التنشئة والتربية الجيدة للأطفال، وهذا المعنى يفسر جوهر مصطلح «تنظيم الأسرة»، بل إنه المعنى المرادف له.
ومنطلق أهمية تنظيم الأسرة؛ أنها خط الحماية الأول للأمهات الذي لا يضاهيه شيء في جعلهن بمأمنٍ من مخاطر تقارب الأحمال والولادات، الأمر الذي يفرض على المجتمع -لأهميته- التزود بالمعلومات والمعرفة الكافية.
فالتنظيم بالمعنى العمومي: يعني التخطيط للمستقبل، وإذا ما قصد به أن يكون للأسرة: فيعني أن يقوم الزوجان بتخطيط توقيت إنجاب الأطفال والمباعدة بينهم لفترة زمنية بحسب الأولويات الاجتماعية والإنجابية، بما من شأنه تحقق السعادة والصحة الجيدة للزوجين وللأطفال أيضاً.
وما يعد جديراً توضيحه من فوائدها الصحية: أنه يقلل وفيات الأمهات بسبب الحمل والولادة، ويعطي الأم فرصتها للرضاعة الطبيعية واستعادة صحتها بعد الحمل السابق مع تجنب الحمل غير المرغوب فيه. كما يتيح للطفل حصوله على حقه الكامل من الرضاعة الطبيعية والعناية والتربية السليمة.
وليس من الجيد -قطعاً- اختيار وسيلة من وسائل تنظيم الأسرة بعشوائية، فكل ما يقع عليه اختيار المنتفعة من هذه الوسائل لا يعني أنها ستناسبها -مهما بدت جيدة في نظرها- وذلك حتى لا تقع في الخطأ عند الاستخدام أو قد لا تكون ملائمة للمنتفعة بعد تجربتها.
لذا، لا بد من مشورة طبية تلتمسها المنتفعة من مقدمة الخدمة (طبيبة-قابلة) قبل الشروع في استخدام أي وسيلة شاءت اختيارها لتنظيم الأسرة، لأن العمر له حكمه وأيضاً الإصابة بالأمراض.
فالمشورة أو الاستشارة -هنا- تساعد على الاختيار الموفق للوسيلة المناسبة وشرح طريقة الاستخدام أو التعامل، وتوضيح نسبة نجاح وفاعلية الوسيلة ومشاكلها والأعراض الجانبية المترتبة على ذلك، وما يجب عمله إذا وجدت المنتفعة في وسيلة تأجيل الإنجاب مشكلة أو ظهرت لديها مضاعفات تفرض اللجوء مباشرة إلى الطبيبة ووقف استخدامها.
كذلك تتيح هذه المشورة الحصول على المعلومات اللازمة حول جميع الوسائل المتاحة لاختيار الأنسب منها، وتشمل وسائل كثيرة حددت واعتمدت منها وزارة الصحة العامة والسكان: لحبوب الفموية بنوعيها:
-الحبوب الأحادية الهرمون.
-الحبوب الهرمونية المركبة.
-وسائل هرمونية عن طريق الحقن: وهي نوعان:
-حقن أحادية الهرمون.
-الغرسة: وتركب في أعلى الذراع تحت الجلد.
-وسائل أخرى: تتمثل في:
-اللولب.
-الواقي الذكري.
-الواقي الأنثوي.
ولا بد من أن يكون التوافق حاضراً بين الزوجين؛ ليحقق اختياراً ملائماً -لوسيلة تنظيم الإنجاب- فيكون مكتمل الأوجه ويحظى بتفهم الزوج وقناعته بمعية نيله نصائح وإرشادات صحية تفيده وتفيد زوجته، ما يتطلب حضوره جلسة المشورة؛ سواءً بالمرفق الصحي أو في عيادة الطبيبة المتخصصة.
إن الالتزام بقواعد وشروط الاستخدام لوسيلة تنظيم الأسرة المناسبة هو ما يحقق أقصى درجات الحماية والأمان. ولا يختلف استخدام هذه الوسائل في رمضان عن بقية أشهر السنة، إلا أن من الضروري في هذا الشهر المبارك مراعاة بعض الأعراض الجانبية، كالصداع والغثيان وتجنب تقطعات نزول الدم، وهذا يضعنا على أهمية الاعتماد عند اختيار الوسيلة المناسبة للمنتفعة على معايير تحددها مقدمة الخدمة الصحية بالمرفق الصحي وبناءً على الفحص الطبي، مع تقديم المشورة الكاملة للزوجين وإطلاعهما على مبررات وموانع الاستعمال لكل وسيلة.
ولا أرى ضرورة لصيام شهر رمضان كاملاً لمن يرغبن فيه ويمنعن نزول الدورة الشهرية، والمقصود بهذا من يستخدمن الحبوب الفموية لتنظيم الأسرة ويواصلن تناولها من شريطٍ جديد عقب نفاذ الشريط الأول؛ لغرض منع نزول الدورة، وذلك حتى لا يؤدي استخدامها إلى مردود سلبي؛ مثل اضطراب الدورة الشهرية وحصول نزيف -بنزول الدورة في غير موعدها- أو انقطاع نزولها لفترة طويلة. علاوة على الشعور بآلام وأوجاع وعوارض أخرى محتملة؛ كالصداع، والغثيان والتوتر النفسي وغيرها.
ولا شك في أن من الأفضل استعمال المنتفعة لهذه الحبوب في رمضان كباقي الأشهر الأخرى، على أن يكون تناولها ليلاً في موعد ثابت؛ عند التاسعة مساءً -على سبيل المثال- أو بعد تناول وجبة العشاء في رمضان، وأن يكون تبعاً لمؤشر الاستخدام على شريط الحبوب.
ولأن ما يناسب امرأة من وسيلة لتنظيم الأسرة ليس بالضرورة أن يناسب نساء أخريات- حتى لو بدت الظروف الصحية متشابهة- فإن أغلب النساء اللواتي يستخدمن حبوب تأجيل الإنجاب دون الالتزام بشروط استخدامها؛ يتأثرن ببعض العوارض جراء هذا الاستخدام، فالأنسب لهن تلقي المشورة من مقدمة خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة.
وبالأساس يبدأ استخدام الحبوب اعتباراً من اليوم الأول أو الخامس لنزول الدورة، مع الاستمرار في استخدامها بحسب مؤشر الاستعمال المبين على شريط الحبوب المؤلف من (21) حبة، ومن ثم يتم التوقف لسبعة أيام قبل البدء باستخدام شريط حبوب آخر جديد. بينما إذا كان الشريط يتألف من (28حبة) -أي شريط حبوب تنظيم الأسرة الخاص بالمرضعات- فعندها يجب الاستمرار في تناول المنتفعة لهذه الحبوب في وقتٍ محدد وبلا توقف حتى أثناء الحيض.
وبالتالي، لا يليق صحياً بالمنتفعة عدم التقيد بالتعليمات الصحية عند استخدام حبوب تأجيل الإنجاب؛ بتناول حبة واحدة في يوم وترك تناول الحبة التي تليها في اليوم التالي، لأنه لجوء وتصرف خاطئ ليس مضموناً لتأجيل الإنجاب، ويترتب عليه أضرار كثيرة؛ مثل: اضطرابات الدورة الشهرية، حدوث النزيف وكذا التعرض لحدوث الحمل غير المرغوب فيه.
أيضاً، لا داعي للتوقف عن استخدام حبوب تأجيل الإنجاب إذا ظهرت كمية قليلة من الدم في غير ميعادها الطبيعي أثناء الثلاثة الأسابيع على تناولها، وإنما يكون الاستمرار في تعاطيها دون توقف حتى اكتمال الشريط؛ لأن القليل من نقط الدم تتوقف -عادةً- بشكلٍ تلقائي. أما إذا كانت كمية الدم تماثل في حجمها حجم دم الحيض؛ وجب في هذه الحالة استشارة الطبيبة.
نكتفي بهذا القدر من التفاصيل عن حبوب تنظيم الأسرة وشروط استخدامها خلال شهر رمضان وغيره من أيام العام لنقف -في الختام- على وسيلة فعالة من وسائل تنظيم الأسرة، وهي الغرسة (امبلانون)، حيث تعتبر إحدى وسائل تنظيم الأسرة العالية الكفاءة، وتوضع تحت الجلد في القسم العلوي من الذراع.
بينما تبدو مزاياها متعددة؛ وفاعليتها طويلة الأمد لا تؤثر على الخصوبة -مطلقاً- بعد نزعها عن ذراع المنتفعة. ولكن -بالمقابل- لها بعض الأعراض الجانبية؛ مثل: النزيف غير المنتظم، آلام بالبطن، الدوار والغثيان.
ومما يعد مزعجاً جداً في رمضان؛ حدوث نزيف متكرر من جراء الغرسة، وبذلك يفضل للمنتفعة تأجيل استخدامها إلى ما بعد رمضان، واللجوء -عوضاً عنها- إلى وسيلة أخرى من وسائل تنظيم الأسرة.
وأدام الله على الجميع الخير والفلاح؛ وألبسهم في رمضان لباس التقوى والعافية..
إعداد/ زكي الذبحاني