البرنامج القطري يهدف إلى تحسين الصحة الإنجابية والإسهام في الحد من وفيات الأمهات
أكثر من ست نساء يمتن أثناء الولادة في اليمن
في - الأربعاء 08 أغسطس 2012أكد ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في صنعاء السيد مارك فاندربرغي أن خطة عمل البرنامج القطري (2012-2015) تهدف إلى تحسين الصحة الجنسية والإنجابية، وخاصة للنساء والشباب، والمساهمة في الحد من وفيات الأمهات، مشيراً إلى أن تحقيق الاستقرار في النمو السكاني يسهم بلا شك في تحقيق التوازن بين احتياجات السكان وقدرة المؤسسات الحكومية والخاصة والأسر لتغطية هذه الاحتياجات.
وتحدث السيد مارك في لقاء لصحيفة “الثورة” حول العديد من القضايا السكانية ودور الصندوق في هذا الجانب... فالى التفاصيل:
•ما الذي ركز عليه البرنامج القطري لصندوق الأمم المتحدة للسكان للأعوام المقبلة؟
-تهدف خطة عمل البرنامج القطري (2012-2015) لصندوق الأمم المتحدة للسكان التي تم التوقيع عليها مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي في شهر مارس من هذا العام، ورصدت له ميزانية قدرها 25 مليون دولار أمريكي، إلى تحسين الصحة الجنسية والإنجابية، وخاصة للنساء والشباب، والمساهمة في الحد من وفيات الأمهات، لذا فالصندوق لديه برنامج لتعزيز الحقوق الإنجابية، والذي يهدف إلى زيادة فرص الحصول على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، ولتحقيق ذلك فنحن نعمل على مستويين، أولا نحن نهدف إلى زيادة تغطية خدمات الصحة الإنجابية وتحسين نوعيتها، ولا سيما لتقديم خدمات الولادة الآمنة للنساء. فالكثير من النساء في اليمن تموت أثناء الولادة، ونحن نريد أن نتأكد من أن لديهم إمكانية الوصول إلى مرافق صحية مجهزة تجهيزا جيدا فيها قابلة مدربة تساعدهم على ولادة الطفل، دون تعريض حياتهم للخطر. وهذا يعني أننا سوف نسهم في تدريب العاملين في مجال الصحة وتوفير المعدات للمرافق الصحية. لكننا نريد أيضا أن نصل إلى المجتمعات المحلية والنساء بشكل خاص، لإعلامهم أن هذه التسهيلات متاحة لهم وتشجيعهم على استخدامها. هذا يقودنا إلى المستوى الثاني من خطتنا وهو زيادة الوعي حول حق المرأة في الحصول على خدمات الولادة الآمنة والعمل على التواصل مع النساء لخلق الطلب على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية.
الأمهات يمتن أثناء الولادة
لكننا لا نتواصل فقط مع المرأة لكن أيضا مع الرجل ومع الشباب، لأن من مصلحة المجتمع بأسره أن المرأة تحصل على رعاية صحية مناسبة أثناء حملها، ورعاية تمكنها من الحصول على ولادة آمنة، ففي اليمن الكثير من الأمهات يمتن أثناء الولادة ولكن هناك أيضاً الأمهات اللاتي يعانين من مضاعفات وتعسر الولادة الذي يؤثر سلباً على صحتهن وحياتهن على سبيل المثال إصابتهن بالناسور الولادي، لهذا هناك جزء خاص من برنامجنا لتوفير العلاج والرعاية للنساء اللاتي يعانين من ناسور الولادة، فالناسور الولادي ينجم أساسا عن الولادة المتعسرة وتعسر الولادة غالباً ما يحدث للأمهات صغيرات السن حيث أنهن صغار جداً لحمل طفل حيث أجسادهن غير مكتملة و مهيأة لعملية ولادة طفل، فالأم المصابة بالناسور تعاني من إصابات داخلية خطيرة مما يؤدي إلى تسرب مستمر للبول أو البراز أو كليهما، والعقم، أو اضطرابات أخرى، ويمثل هذا المرض مأساة كبرى في حياة هؤلاء النسوة، ولكن أيضا في حياة أبنائهم، والأزواج والعائلات، لذلك أنشأنا مركزين للناسور الولادي، واحد في صنعاء في مستشفى الثورة، وواحد في عدن في مستشفى الوحدة فمعظم النساء اللواتي يعانين من ناسور الولادة الآن يمكنهن تلقي العلاج الجراحي والرعاية التي تلي العمليات الجراحية، ففي شهر مايو ويونيو من هذه السنة تمكنا من إجراء 13 عملية جراحية تكللت بالنجاح لنساء يعانين من مرض الناسور الولادي، من ضمن الحالات اللاتي تم علاجها بنجاح، امرأة في الستين من عمرها عاشت مع مأساة الناسور لمدة أربعين سنة حيث تخلى عنها زوجها، تخيل أربعين سنة من المعاناة والألم والعزلة، ولكن التدخل الجراحي وضع أخيراً حداً لمعاناتها وفتح لها باباً لتعيش حياتها بكرامة، وفي الوقت نفسه نحن نعمل على التواصل مع النساء والرجال، والشباب لشرح أسباب ناسور الولادة والمساعدة على خلق بيئة فيها نسبة الأمهات الصغار أقل.
تحسين نظام النقل والإمداد لتوزيع وسائل تنظيم الأسرة
من جانب آخر الصندوق يدعم أيضا وزارة الصحة العامة والسكان لتحسين نظام النقل والإمداد لتوزيع وسائل تنظيم الأسرة إلى المرافق الصحية في المحافظات لمساعدة الأزواج الذين يرغبون في المباعدة بين الولادات أو الذين يرون أن معهم ما يكفي من الأطفال. فالأزواج لهم الحق في تحديد عدد الأطفال الذين يرغبون بإنجابهم، ونحن نريد مساعدتهم في تحقيق رغبتهم من خلال توفير الوصول إلى المرافق الصحية التي من شأنها أن توفر لهم المعلومات والمشورة ووسائل تنظيم الأسرة، فمتى حصل الأزواج على فرص الوصول إلى خدمات تنظيم الأسرة، وخيار المباعدة بين الولادات، وإدراكهم لعدد الأطفال الذين يريدون، فذلك حتما سيسهم في تحسين صحة المرأة، والحد من مخاطر أن تموت أثناء الولادة.
بالإضافة إلى ذلك، على المدى الطويل سوف يسهم في تحقيق الاستقرار في النمو السكاني، وعلى الصعيد الإنساني يعمل الصندوق على مساعدة الناس الذين تأثروا من جراء الصراع والنزوح في البلاد. فنحن لا نساعد فقط أولئك الذين فروا من منازلهم ونزحوا من مناطقهم ولكن أيضا نساعد السكان الذين لا يزالون يعانون في مناطق الصراع، لكن تظل المرأة خاصة النازحة، هي الحلقة الأضعف والأكثر تضررا في هذه الصراعات والأزمات الإنسانية، لذلك هدفنا الرئيسي هو التأكد أنه حتى في تلك الظروف الصعبة يجب أن تحصل المرأة على خدمات الصحة الإنجابية والرعاية الصحية والحماية من العنف، لذلك نحن نتعاون مع الخدمات الصحية العامة والخاصة لتوفير الحد الأدنى من الخدمات المطلوبة أو لمساعدتهم على اكتشاف ومساعدة النساء اللواتي وقعن ضحايا للعنف.
•ماذا عن أوجه دعم جهود الحكومة اليمنية الهادفة إلى مواجهة الاحتياجات الناجمة عن ارتفاع معدل النمو السكاني؟
-الخطة الرابعة الخمسية للتنمية والتخفيف من الفقر 2011-2015م جعلت الحد من النمو السكاني كأولوية رئيسية وشرط لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتهدف إلى زيادة استخدام وسائل تنظيم الأسرة من 19بالمائة إلى 40بالمائة، ونأمل أنه في الفترة الانتقالية سيتم العمل على تحقيق هذا الهدف وأخذ التدابير الرامية إلى تشجيع المشاركة السياسية للمرأة في المجتمع اليمني، لتمكين المرأة اقتصاديا، وتحسين فرص حصولها على خدمات الصحة الإنجابية، أو حصول الفتيات على تعليم أفضل، ومثل هذه التدابير، في حال تنفيذها، سوف يكون لها تأثير إيجابي على الحد من النمو السكاني، كما أن تحقيق الاستقرار في النمو السكاني يسهم بلا شك في تحقيق التوازن بين احتياجات السكان وقدرة المؤسسات الحكومية والخاصة، والأسر لتغطية هذه الاحتياجات، فمن ضمن أولويات الصندوق رفع مستوى الوعي بأهمية قضية النمو السكاني وتقديم المشورة للحكومة والمنظمات الخاصة حول سبل معالجة هذه المشكلة.
•برأيك على من تقع مسؤولية استقرار النمو السكاني؟
-في الواقع الاستقرار في النمو السكاني هو عملية طويلة الأجل، ويمكن القول بأن تحقيق الاستقرار في النمو السكاني هو مسؤولية الجميع، ويبدأ مع إيمان وتصورات الأفراد عن الحياة التي يرغبون أن يعيشوا فيها وعدد الأطفال الذين يودون إنجابهم، ويستمر مع التزام الحكومة ومنظمات المجتمع المدني لتقديم الخدمات والرعاية المناسبة، كما أن الحصول على المعلومات وعلى الاستخدام الصحيح لوسائل تنظيم الأسرة سوف يساعد الأزواج في إدراك عدد الأطفال الذين يريدون إنجابهم ولكن الخدمات في القطاعات الأخرى مهمة كذلك، فعلى سبيل المثال، إذا حصلت الفتاة على قدر من التعليم -على الأقل حتى المرحلة الثانوية- فإنها على الأرجح سوف تتزوج وتنجب طفلها الأول في سن مناسبة. كما أن الفتاة المتعلمة لها القدرة على تنظيم أسرتها وإدراك عدد الأطفال التي تريد أن تنجبهم أكثر من الفتيات اللواتي لم يكن لديهن الحصول على نفس الفرص التعليمية، وعلاوة على ذلك إذا حصلت العائلات على خدمات رعاية صحية ذات جودة عالية لأبنائهم وظروف معيشتهم سوف يكون لأطفالهم فرص أكبر في البقاء على قيد الحياة.
•الاحتفال باليوم العالمي للسكان تحت شعار ”تعميم إتاحة خدمات الصحة الإنجابية” كيف تقيم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن؟
-في السنوات القليلة الماضية، حققت اليمن تقدما كبيرا في ما يتعلق بتحسين قدرتها على توفير خدمات الصحة الإنجابية، في العام الماضي، تم مراجعة واعتماد الإستراتيجية الوطنية للصحة الإنجابية، تحت قيادة وزارة الصحة العامة والسكان، هو بالتأكيد خطوة كبيرة إلى الأمام، لكن للأسف أثرت الأزمة في تنفيذ الإستراتيجية وكان له تأثير سلبي على قدرة مقدمي الخدمات الصحية لتوفير الخدمات للسكان. كما أن هناك العديد من الجهات الفاعلة في مجال الصحة الإنجابية، يساهمون جميعا في زيادة وتغطية وتحسين نوعية الخدمات ومع ذلك فإنها تواجه تحديات كثيرة بسبب انعدام الأمن وعدم الاستقرار. فمعدلات وفيات الأمومة في اليمن مازالت من أعلى المعدلات في المنطقة، ففي كل يوم هناك ما يقارب من ست نساء وربما أكثر يمتن أثناء الولادة في اليمن، فالنساء تموت في اليمن لأنهن لا يستطعن الحصول على الخدمات والمعلومات الصحية ويلدن أطفالهن دون مساعدة من قابلات ماهرات، وهناك حالات تموت نتيجة الحمل غير المرغوب، بالإمكان إنقاذ المزيد من الأرواح من الأمهات إذا تم تأمين سهولة الوصول إلى الخدمات الصحية ذات الجودة العالية أثناء الحمل والولادة.
الحق في الحصول على وسائل تنظيم الأسرة
كل النساء لهن الحق في الحصول على وسائل تنظيم الأسرة لتجنب حالات الحمل غير المرغوب فيه؛ ولجميع النساء الحوامل الحق في الحصول على الرعاية الماهرة عند الولادة، وكل النساء اللاتي لديهن مضاعفات لهن الحق في الوصول في الوقت المناسب لحالات الطوارئ التوليدية والحصول على رعاية طبية جيدة. إذا حدث هذا، سنكون جميعا راضين عن مستوى خدمات الصحة الإنجابية في اليمن، وإذا كنا نريد بناء مجتمعات سليمة علينا أن نوفر الكثير من الرعاية للنساء لأن المرأة السليمة والتي في صحة جيدة تعني مجتمعاً صحياً وتنمية شاملة مستدامة.
•ما هي الرسالة التي تود أن توجهها بمناسبة اليوم العالمي للسكان وإلى من؟
-أود أن أوجه رسالتي أولاً إلى الشباب فالشباب يشكلون غالبية السكان في اليمن وهم فعليا مستقبل البلاد فالتطورات والأحداث السياسية في عام 2011 أظهرت أنهم على استعداد لتحمل المسؤولية، فالتعليم الذي يبني قدرات الشباب ويلبي احتياجات سوق العمل هو المفتاح لتحقيق تطلعات شريحة الشباب وتعزيز مشاركتهم في تنمية المجتمع انطلاقاً من أهمية الدور الذي يضطلعون به كشريحة فاعلة وركيزة أساسية في بناء المجتمع والنهوض به فبالتعليم الجيد سيتمكن الشباب من القضاء على البطالة ومساعدة أنفسهم في الحصول على فرص عمل أكثر والتي هي هم الكثير من الشباب والسبب في الإحباط الواسع في أوساط الشباب. فإذا استمر ارتفاع معدل الخصوبة في أوساط هذه الشريحة الكبيرة من السكان الشباب واستمر نمو السكان دون هوادة سوف يشكل هذا ضغطاً كبيراً على موارد البلاد الأساسية المحدودة، مثل المياه، والبنية التحتية الصحية والمدارس وغيرها، ولذلك يجب علينا أن نركز بدقة على الاستثمار في الشباب لأنهم لهم القدرة أن يسهموا في الحد من النمو السكاني، ورسالتي الأخيرة هي أن الشباب هم الفرصة التي من خلالهم يمكن الإسهام في وضع حل للقضية السكانية والانفجار السكاني.
لقاء/ شوقي العباسي