التعليم وتحديات الزحف السكاني
في - الجمعة 18 يناير 2013تهتم دول العالم بتنمية مواردها البشرية باعتبار أن السكان هم الغاية من كل عمل أو نشاط ، ويعتبر التعليم هو الوسيلة الأنجح في تحويل الموارد البشرية إلى قوى فاعلة ومنتجة تخدم عملية التنمية الشاملة وبدون التعليم تصبح هذه الموارد عبئاً على المجتمع ومن هذا المنطلق اهتمت اليمن بقطاع التعليم وجعلت منه مرتكزاً ومحوراً أساسياً للتنمية الشاملة، وبرغم هذا الاهتمام إلا أن قطاع التعليم يواجه تحديا أمام الزحف السكاني المتزايد سنويا إذ يتزايد عدد السكان بمعدل سنوي مرتفع يبلغ 3بالمائة فقد ارتفع عدد سكان اليمن من (15.8 مليون نسمة) عام 1994 إلى أن بلغ عدد السكان (19.7 مليون نسمة) وفقا لأخر تعداد عام 2004م ، كما بلغ ممن هم في سن التعليم أقل من 15 سنة حوالي 45بالمائة أي يشكلون حوالي نصف سكان اليمن وهذا العدد الكبير من السكان يزيد الضغط على الخدمات التعليمية المتاحة مما ينعكس سلبا على نوعية التعليم وجودته وإذا كانت مشكلة التعليم حاصلة اليوم فكيف سيكون مستقبل التعليم في اليمن إذا ما استمرت الخصوبة كما هي عليه حلياً 6 مواليد لكل امرأة خلال حياتها الإنجابية 15-49 سنة.
فمن خلال الدراسة التي أعدتها الأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان (حول السكان والتنمية وتحديات المستقبل) نستطيع أن نستشرف المستقبل وما يخفيه لنا من تحديات وعلى أساس أن الوضع سيكون مستقراً ولن يكون هناك أي ظروف وتدخلات ستواجه المجتمع خلال الفترة المدروسة حتى عام 2035م. سوف يصل سكان اليمن في عام 2035م إلى حوالي 61 مليون نسمة وهذا النمو السكاني الكبير سوف ينعكس على كل الجوانب الحياتية.
ففي قطاع التعليم سيزيد عدد الطلاب للمرحلتين الأساسية والثانوية من 4.3 مليون طالب وطالبة عام 2008م إلى 17.6 مليون طالب وطالبة عام 2035م وهذا المقدار الكبير يحتاج إلى إمكانيات كبيرة من حيث توفير المدرسين أو بناء مدارس أو نفقات تشغيلية أخرى أي أننا بحاجة إلى 582 ألف مدرس ومدرسة للتعليم الأساسي والثانوي وذلك من اجل الحفاظ على نفس المستوى التعليمي الحالي كما ستتحمل الدولة تكاليف تراكمية لإنشاء فصول جديدة ونفقات جارية على التعليم الأساسي والثانوي تصل إلى حوالي 13544 مليار دولار.
ووفقا لهذه المعطيات لا بد من إعادة النظر في سياسات السكان والتعليم لحشد الموارد لمواجهة ذلك الزحف السكاني القادم ومراجعة السياسات السكانية والعمل بجدية لخفض مستوى الخصوبة المرتفع فإذا ما تحسن مستوى الخصوبة سوف توفر الدولة الكثير من الإنفاق الذي يمكن أن يستغل في تحسين نوعية التعليم الكيفي ليواكب التقدم العلمي التقني المبني على منهج علمي وطرق تعليمية حديثة من اجل تحقيق مستقبل مشرق للأجيال القادمة.
كفاح داوود