دراسة ميدانية عن أسباب ومخاطر الزواج المبكر
نفذتها إدارة تنمية المرأة بقطاع السكان بوزارة الصحة بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية

كشفت دراسة حديثة عن أسباب ومخاطر الزواج المبكر في أوساط الفتيات اليمنيات أن الزواج المبكر في اليمن ينتشر في العائلات التي يرأسها واليِدان أميِان والعائلات ذات المستوى الاقتصادي المتدني.
وذكرت الدراسة التي نفذها قطاع السكان ممثلا بالإدارة العامة لتنمية المرأة بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وبالتعاون مع مشروع تحسين معيشة المجتمع خلال العام 2011م أن الزواج المبكر يؤثر بشكل مهم على التحصيل العلمي للفتيات وفي حالات عديدة يؤدي إلى التسرب من التعليم أثناء أو بعد التعليم الابتدائي.
وأظهرت نتائج الدراسة أن عدداً كبيراً من الفتيات الصغيرات واللاتي تزوجن مبكرا قد عانين من مضاعفات في ليلة الزفاف وأيضا أثناء الحمل والولادة والنفاس.
وأثبتت الدراسة أن الحمل المبكر له آثار سلبية على مخرجات الحمل. على سبيل المثال فإن نسبة وفيات الأجنة كانت عالية جدا عند الأمهات الصغيرات وتنخفض كلما زاد عمر الأم.
استخدامات وسائل تنظيم الأسرة
وأشارت الدراسة إلى أن نسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة بعد الزواج من قبل الفتيات متدنية للغاية كما أظهرت أن العديد منهن يعتقدن أن وسائل تنظيم الأسرة ضارة. وكانت أكثر الوسائل استخداما هي حبوب منع الحمل ويتبعها حساب الفترة الآمنة. بينما نسب استخدام وسائل تنظيم الأسرة تزداد بشكل كبير بعد الولادة الأولى. وحبوب منع الحمل هي المفضلة لدى الفتيات.
وبينت الدراسة أن الفتيات لم يراجعن المرافق الصحية أثناء فترة الحمل لأسباب عديدة كان أهمها عدم الوعي بضرورة المراجعة المنتظمة أثناء فترة الحمل وعدم الثقة في جودة الخدمات الصحية المتوفرة.
ولفتت الدراسة إلى أنه لم يكن مفاجئاً أن تكون 60بالمائة فقط من الفتيات ضمن فئة المخاطر قد ولِدن للمرة الأولى تحت إشراف طبي في قطاع حكومي أو خاص وكانت من أهم أسباب الولادة في المنزل هي موقف الزوج وعائلته السلبي من الخدمات الصحية المتوفرة ، عدم وجود كادر طبي نسائي وإهمال الكادر الطبي.
ختان الإناث وسوء تغذية
وبينت الدراسة أن ثلث النساء محل البحث كن مختونات وكان الختان غائبا تماما في سن 12 و 20 سنة حتى في المناطق التي ينتشر فيه الختان كالحديدة وحضرموت.
وأظهرت الدراسة أن معظم الفتيات عانين من سوء تغذية طفيف وتزداد شدته مع تقدم عمر الفتاة. عانت ثلث الفتيات من فقر الدم، كما وجد ارتفاع أو انخفاض ضغط الدم بين الفتيات محل البحث.
توصيات الدراسة
وأوصت الدراسة التي يمثل قيمة مضافة لها أنها تقدم معلومات إكلينيكية موثقة حول أسباب ومخاطر ومضاعفات الزواج والحمل المبكر بين الفتيات اليمنيات اللاتي ولدن في المستشفيات الرئيسية في أربع محافظات يمنية هي: (إب، الحديدة، ذمار، وحضرموت الساحل والوادى) بضرورة دعم قانون لتحديد السن القانوني للزواج للحد من آثار الزواج المبكر على صحة وحياة الفتيات.
كما أوصت بضرورة تحسين الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية لمجموعات أكبر من الفتيات وتنفيذ برامج فاعلة للتوعية بأهمية تنظيم الأسرة. واستهدفت طلبة المدارس من الذكور والإناث بالإضافة إلى خطباء المساجد وقادة المجتمع في حملات مناصرة ورفع الوعي بمخاطر الحمل المبكر.
وأوصت الدراسة بعمل زيارات متابعة وتقييم من قبل وزارة الصحة العامة والسكان للتأكد من سجلات تقييد الحالات من قبل القابلات واستكمال المعلومات في السجلات. توصي أيضا بتقديم تدريبات تنشيطية للكادر الطبي حول أهمية استكمال سجلات حالات الولادة والأمومة. من المهم أن يتم تدريب للكادر الطبي حول كيفية تقدير عمر الأمهات الصغيرات اللاتي يدخلن أقسام الأمومة كما توصي بتطوير آلية لتسجيل حالات الولادة المنزلية من قبل الكادر الطبي من طبيبات وقابلات واختصاصيين واختصاصيات ولادة.
كما أوصت الدراسة بتطوير آلية جمع البيانات حول المشاكل التي تواجهها الفتيات اللاتي تزوجن في سن مبكر مثل التعرض للعنف. كما يجب أن يتم تضمين العمر والحالة الاجتماعية في جميع السجلات الطبية والسجلات المدرسية.
وطالبت الدراسة إدراج قانون الأحوال الشخصية وحقوق المرأة المندرجة ضمنه في مناهج تدريس كلية الشرطة. يمكن أن يتم هذا بالتعاون مع إدارة تنمية المرأة في قطاع السكان بوزارة الصحة ووزارة حقوق الإنسان.
كما طالبت الدراسة الجمعيات النسائية المحلية القيام بجمع الممارسات الجيدة في الحد من ظاهرة الزواج المبكر من أجل تعميمها على البرامج التي تهدف إلى الحد من هذه الظاهرة.
وأوصت الدراسة بعمل دراسات متعمقة لتحليل العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تساعد على استمرار الظاهرة باستخدام منهجيات نوعية. مؤكدة ضرورة فتح حوار في جميع وسائل الإعلام وعلى مستوى المجتمعات المحلية لمناقشة الطرق التي يمكن من خلالها الحد من ظاهرة الزواج المبكر.
وتضمنت التوصيات التي خرجت بها الدراسة المطالبة بطباعة ونشر نتائج هذه الدراسة على نطاق واسع ليشمل جميع الأطراف المعنية للعاملين في مجال تنمية الفتاة والمرأة. كما يوصون بدعم دراسات أخرى شبيهة تقيس وفيات الأمهات بين الفتيات اللاتي تزوجن في سن مبكرة.
ولفتت إلى أن هناك حاجة لمزيد من البحوث والإجراءات لمنع تسرب الفتيات من التعليم حيث أن المدرسين قد بينوا بأن تحصيل الفتيات غير جيد في المدارس بسبب معرفتهن أن مصيرهن هو الزواج لا غيره. إن الطالبات اللاتي يصلن إلى مرحلة التعليم الجامعي إما لا يتم قبولهن في الجامعات أو يرسبن بسبب عدم قدرتهن على الوفاء بمتطلبات التحصيل العلمي الجامعي. وبذلك تتجه معظمهن للزواج. لذلك توصي الدراسة بأن تأخذ وزارة التعليم العالي هذا في عين الاعتبار في أقرب وقت ممكن.
وأوصت الدراسة أيضا بشكل عام إلى ضرورة تعزيز حقوق المرأة والفتاة وخاصة الحق في الحياة وتعزيز حق الفتيات في التعليم والتمكين في شتى مجالات التنمية. يجب أن تستمر المناصرة مع المجتمع الدولي للضغط مع صناع القرار في اليمن.
منهج الدراسة
وكانت الدراسة قد اتبعت منهج البحث وهو عبارة عن دراسة وصفية مقطعية باستخدام أداة الاستبيان الذي تم تعبئته كتابيا أثناء مقابلة فردية مع عينة من الفتيات أثناء زيارتهن لعيادات رعاية الأمومة والطفولة في مستشفيات المحافظات، كما أعتمد البحث على دراسة -بأثر رجعي- لسجلات أقسام الولادة في المستشفيات خلال عام 2010. وشملت الحالات المبحوثة كل الفتيات اللاتي دخلن إلى هذه المستشفيات بغرض التوليد أو التنظيف بعد الإجهاض أو الخياطة المهبلية.
جمهور البحث
وشمل جمهور البحث الفتيات في أو دون سن العشرين عاماً واللاتي قمن بالولادة في مستشفى المحافظة أو المديريات أو اللاتي زرن قسم النساء والتوليد للحصول على خدمات أخرى كخدمات رعاية الحوامل ومراكز تنظيم الأسرة وتطعيم المواليد خلال فترة البحث. تم اختيار سن عشرين عاماً كحد أقصى (بديلا عن 18 عاما) بسبب أن الفتيات صغار السن يتم تقدير عمرهن من قبل القابلات كما تبين من الدراسة التجريبية بعشرين عاما عندما يكون تاريخ ميلادها غير معروف.
مؤشرات إحصائية
وكانت الدراسة قد أوضحت في مقدمتها أن أكثر من 365 امرأة من كل 100 ألف ولادة حية تموت من جراء مضاعفات الحمل والولادة والنفاس مما يجعل وفيات الأمهات السبب الأهم في وفيات النساء في سن الإنجاب في اليمن. تم تقدير أن 52بالمائة من الفتيات في اليمن يتزوجن قبل سن 18، كما أن الفتيات في اليمن في الفترة العمرية ما بين 15 و 19 سنة يمثلن 19بالمائة 7.2بالمائة منهن قد حملن من قبل. بالإضافة إلى أن 50بالمائة من وفيات الأمهات تقع ضمن الفتيات أقل من عشرين سنة.
فجوة معلوماتية
ولفتت الدراسة في مقدمتها إلى أنه على الرغم من أن الزواج المبكر يمثل ظاهرة مهمة في اليمن، إلا أنه يوجد نقص في المعلومات الموثقة حول العبء الإضافي الذي تمثله هذه الظاهرة من خلال المخاطر والمضاعفات على صحة وحياه الفتيات. لقد ألهمت الفجوة المعلوماتية هذا البحث لتوفير بيانات يمكن استخدامها من قبل صناع القرار والمناصرين العاملين نحو خفض وفيات الأمهات في اليمن.
هدف الدراسة
وأشارت مقدمة الدراسة إلى أن البحث يهدف إلى توفير معلومات سريرية موثقة حول أسباب ومخاطر ومضاعفات الزواج المبكر في سن الحمل والإنجاب اللاتي أنجبن في مستشفيات المحافظات. ويهدف البحث بالتحديد لتقييم المحددات الاجتماعية والديمغرافية لفئة الفتيات اللاتي تزوجن قبل سن العشرين ودراسة سمات والديهن وأزواجهن. كما هدف البحث إلى دراسة عوامل الخطر في ليلة الزفاف بالنسبة للفتيات والحمل المبكر والولادة المبكرة.
تحليل المشكلات المصاحبة للظاهرة
وقد قام الباحثون بتحليل المشكلات الصحية والاجتماعية والاقتصادية المصاحبة لظاهرة الزواج المبكر. حيث قامت الفتيات المستهدفات بإعطاء بيانات حول مدى استخدام الخدمات الصحية تحديدا خدمات تنظيم الأسرة وخدمات رعاية الحوامل وخدمات الطوارئ التوليدية. وتم تحليل مؤشر كتلة الجسم ونسبة الهيموجلوبين ومستوى ضغط الدم. كما تمت دراسة نسبة حدوث وآثار ختان الإناث على الفتيات في موضوع الدراسة.