اليمن وتقرير حالة سكان العالم 2012م

في - الأربعاء 23 يناير 2013

يقوم صندوق الأمم المتحدة كل عام بإصدار تقرير حول سكان العالم يرصد فيه أهم المؤشرات والتطورات التي يشهدها العالم في الجوانب السكانية، وبما يمكن من متابعة تحقيق الألفية الثالثة وبرنامج عمل المؤتمر الدولي للتنمية والسكان المنعقد في القاهرة عام 1994م، وفي هذا العام ركز التقرير على استخدام وسائل تنظيم الأسرة حيث تحدث عن حق الأزواج في الاستفادة من وسائل تنظيم الأسرة، وقدم تحليلا للبيانات الدولية المتوفرة حول هذا الموضوع واتجاهاتها، وبين أهم فوائد تنظيم الأسرة على صحة الأم والطفل وعلى المستوى الأسري والاجتماعي بشكل عام، ومن خلال البيانات التي أوردها التقرير نجد أن اليمن هي في معظم المؤشرات السكانية والصحية في مستوى متدنٍ بالمقارنة مع العديد من دول العالم عموما، وإذا تناولنا استخدام تنظيم الأسرة باعتباره الموضوع الرئيسي الذي تناوله تقرير هذا العام سنجد أن انتشار استخدام هذه الوسائل بين النساء في (15-49 سنة) هي أيضا من أقل المعدلات التي في العالم حتى من البلدان التي لا توجد لديها سياسات ولا برامج موجهة ومدعومة من الدولة في مجال تنظيم الأسرة كما هو الحال في دول الخليج العربي ما عدا سلطنة عُمان، فرغم أن اليمن قد تبنى سياسة وطنية للسكان قبل عشرين عاما ولديه برنامج للصحة الإنجابية تنفذ عبر العديد من المشاريع والجهات الحكومية وغير الحكومية، إلا أن المؤشرات تبين أننا في وضع دون المستوى المطلوب ودون الأهداف التي أقرتها السياسة الوطنية للسكان، إذ يقدر التقرير أن معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة في اليمن 28بالمائة بين النساء في سن (49-14) وهو تقدير متطابق مع ما ورد في خطة التنمية لوزارة الصحة العامة والسكان (2010-2015م)، بينما هذا المعدل على المستوى العالمي يبلغ 63بالمائة وفي البلدان العربية مجتمعة 51بالمائة وفي البلدان الأقل نموا 35بالمائة وإذا قارنا ذلك بأهداف السياسة الوطنية للسكان التي نصت في وثيقتها الثانية على الوصول إلى معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة إلى 56بالمائة عام 2025م ومع مرور حوالي نصف الفترة أي منذ عام 2001م حتى الآن لم يرتفع هذا المعدل أكثر من 10بالمائة على أفضل تقدير وهذا يعني انه من الصعب تحقيق هدف السياسة السكانية في هذا الجانب وما يترتب على تدني هذا المستوى من استخدام وسائل تنظيم الأسرة بين الأزواج من آثار سلبية على صحة الأم والطفل وفي استمرار معدل الخصوبة ونمو السكان في مستوى عال في بلادنا، وهذا ما تؤكده أيضا البيانات التي أوردها التقرير الدولي حيث نجد أن معدل الخصوبة قد شهد انخفاضاً ملحوظاً في العديد من دول العالم حيث يبلغ هذا المعدل على المستوى الدولي 2.45 طفل لكل امرأة وفي البلدان الأقل نموا بلغ 4.27 طفل لكل امرأة بينما يقدر هذا المعدل في اليمن بـ 6 أطفال لكل امرأة.

وبالرجوع قليلا إلى الوراء وبحسب بيانات آخر مسح متخصص في هذا الجانب نفذ عام 2003م نجد أن توفير هذه الوسائل وتحسين نوعيتها ورفع وعي الأزواج حول ذلك هو السبب الرئيسي وراء تدني استخدام هذه الوسائل فقد بين هذا المسح أن 29بالمائة من النساء اليمنيات المتزوجات حاليا واللائي لايستخدمن وسيلة لتنظيم الأسرة ، إلا أن ما نسبته 58بالمائة منهن لا ينوين الاستخدام مستقبلا وهي نسبة مرتفعة جدا ويرجع حوالي 40بالمائة للخوف من الأعراض الجانبية وعدم المعرفة أو عدم الفهم الصحيح لموقف الدين الإسلامي الحنيف من ذلك وهنا تأتي أهمية تحسين الخدمة ورفع الوعي.

وانه من خلال ما تم الإشارة إليه نقول في هذه المناسبة أن تحسين المؤشرات السكانية والصحية في بلادنا لا زالت تحتاج إلى جهد وتعاون كل الأطراف للحاق بمن سبقونا وأن التراخي أو ضعف إرادة العمل في هذا الجانب سيكون له آثاره السلبية على جهود التنمية وعلى كل جوانب الحياة الصحية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية وأن أي مجهد يبذل في هذا الجانب هو استثمار مربح ومفيد حاليا ومستقبلا حسب نتائج الكثير من الدراسات والأبحاث التي تم تنفيذها في هذا الجانب.

مجاهد الشعب- مدير عام الإعلام السكاني بالمجلس الوطني للسكان

مواضيع ذات صلة