حديث السكان الخجول

في - الأثنين 13 مايو 2013

لا أدري ما المانع في أن نطرح مشكلة السكان على الملأ بصورة أكثر صراحة ومباشرة.. اليمن اليوم إحدى أكبر البلدان زيادة في معدل النمو السكاني ، واعتقد أن نسبة 3يالمئة نمو سنوي لسكان اليمن تعتبر نسبة خطيرة ويغذيها رقم آخر طبيعي آخر يتصل بارتفاع معدل الخصوبة لدى السيدات اليمنيات ، ما يعني أن "الصلاح" بتعبير الآباء والأجداد يشكل معلما بارزا للزيادة السكانية غير المخططة وغير المسيطر عليها ما يعني أننا أمام قنبلة موقوتة حقيقية بالترافق مع ضعف كبير في النمو الاقتصادي ومتوسط كفاءة ودخل الأسرة اليمنية مقارنة بنظيراتها في بلدان أخرى..

.. تنظيم السكان ليس عيبا ولا حراما وهذا أمر أقره علماء الدين محليا ودوليا ، لكن التوجس من تناول أمر السكان على طريق السيطرة عليه بدءا بتنظيمه لا زال يعشعش في عقول وقلوب المعنيين في جميع هيئات الدولة.. لكنني أسأل هؤلاء هل من الدين ومن الصواب أن يزيد سكان اليمن بطريقة تضاعف الأعباء على المجتمع وعلى الدولة وتجعلنا بلداً يتكاثر بطريقة الأرانب وينتج الفقر بشره أكل الجراد للمزروعات..!

.. قبل فترة دعيت لورشة عمل نفذها المجلس الوطني للسكان وأدركت من خلال أوراق المشاركين كم هي مأساة هذا المجلس مع الهيئات الحكومية التي يفترض أن تقوم بدورها في التوعية والتثقيف الصحي.. تلك مأساتهم الكبيرة لإقناع القائمين على عديد هيئات لا زالت تتعامل مع مطالب المجلس كما لو كانت إعلانات أو صفقات لا بد فيها من مقابل مالي مجزٍ يعود على هذه الجهة أو تلك.. وتساءلت حينها إذا كان الأمر على هذا النحو فكيف سنصل لحل المشكلة السكانية في ظرف عقد أو عقود..!

.. في الورشة أعجبتني مداخلة لأحدهم كان صريحا إلى المدى الذي جعله يختتم مداخلته بسؤال لمن في المنصة قائلا: هل انتم قدوة حسنة في أسركم حتى يقتدي بكم الناس؟ هل أنتم في المجلس الوطني وكمحاضرين ملتزمين بأفكار تنظيم السكان؟!! .. السؤال كان قويا ومحرجا لكنه كان مهما وإن رد عليه أكثر من شخص بطريقة أو بأخرى..

.. وفي الورشة زارتني فكرة أراها أهم من مسألة دعوة وسائل الإعلام لحضور.. لو حضر عدد من قادة الوزارات المعنية مباشرة بالمسألة السكانية كالصحة والتربية والإعلام والأوقاف والرياضة والتخطيط والمالية ، وتمت محاصرتهم بضرورة إعلان مساهمة محددة لكل وزارة في برامج التوعية السكانية.. كل جهة تخصص وقتا أو جهدا أو نشاطا معينا من أجل أن تكون رسالة السكان شاملة وواضحة ومباشرة في الريف والحضر معا..

.. وطالما أقررنا جميعا بحجم المشكلة السكانية وأن الحل يكمن في رؤية حكومية محددة تخصص لها الإمكانيات المختلفة فإنه لا أفضل من مصفوفة عمل جماعية بين المجلس والجهات المعنية كي تصبح الرسالة شاملة وكاملة ومؤثرة وبدون ذلك فإننا نجري جري الوحوش وغير واقعنا المأساوي مع السكان لن نحوش.

.. وتخيلوا معي أن وزارة الإعلام مثلا خصصت مساحات في الصحف جميعها وأوقاتاً في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة جميعها ، وتزامن هذا مع دور إيجابي لخطباء المساجد ومتزعمي الفتاوى ، وحضرت وزارات التعليم والرياضة والتخطيط والمالية بالدور المطلوب من كل منها ، ما كان واقعنا السكاني مخيفا هكذا وإلا أصبح السكان بالنسبة لليمن قنبلة موقوتة وليس عنصراً تنموياً إيجابياً كما يفترض ويجب.

أخيرا:
.. كفانا خجلا وتلكؤا في الحديث عن تعدادنا، فالزيادة المخيفة للسكان في اليمن ليست بسبب الفحولة ولا علاقة طاغية لانطفاءات الكهرباء المتكررة بالأمر ، صحيح هو صلاح ربك في الذرية اليمنية حالنا في ذلك حال باقي البلدان النامية ، لكنه أيضا جنون التسابق على إنتاج المزيد من الأنفس تحت يافطة "تكاثروا" في مقابل كوارث واقعنا التعليمي والطبي والاقتصادي والفكري وهلم إلى باقي الفواجع جرا ، وهو ما يستدعي فعلا حقيقيا أكثر واقعية وإيجابية من ذي قبل..!

خالد الصعفاني

مواضيع ذات صلة